يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا
قوله جل جلاله :
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال المفسرون :
صنع nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف طعاما ، ودعا أناسا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فطعموا وشربوا ، وحضرت صلاة المغرب ، فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب ، فقرأ : قل يا أيها الكافرون فلم يقمها ، فأنزل الله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أي : لا تصلوا إذا كنتم سكارى .
[ ص: 57 ] حتى تعلموا ما تقولون قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد ما تقرءون ، وتثبتوا حدود الصلاة ، وتكبيرها ، وخشوعها ، فكان المسلمون بعد نزول هذه الآية يجتنبون السكر والشراب أوقات الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها .
وقوله :
ولا جنبا الجنب : الذي يجب عليه الغسل لا يؤنث ، ولا يثنى ، ولا يجمع يقال : جنب الرجل يجنب جنبا وجنابة ، فهو جنب وأجنب مثله .
إلا عابري سبيل العابر : فاعل من العبور وهو قطع الطريق ، يقال : عبرت النهر والطريق عبورا .
إذا قطعته من هذا الجانب إلى الجانب الآخر .
روى
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فتصيبهم جنابة ولا ماء عندهم ، فيريدون الماء ولا يجدون ممرا إلا في المسجد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : في قوله :
إلا عابري سبيل لا تقرب المسجد وأنت جنب إلا أن يكون طريقك فيه ، فتمر مارا ، ولا تجلس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : الجنب يمر في المسجد ولا يجلس فيه .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، وعكرمة ، والزهري ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وعند هؤلاء : يجوز
للجنب المرور بالمسجد إذا كان طريقه إلى الماء .
ومعنى الآية : نهي الجنب عن دخول المسجد حتى يغتسل وهو قوله :
حتى تغتسلوا إلا إذا كان مارا بالمسجد .
وقوله :
وإن كنتم مرضى جمع مريض ، وعني به : المريض الذي يضره مس الماء كصاحب الجدري ، والجروح ، والحروق ، ومن يتضرر باستعمال الماء .
[ ص: 58 ] . . . . . . . .
أو على سفر المسافر إذا أعوزه الماء تيمم ، طال سفره أو قصر لهذه الآية ، قوله
أو جاء أحد منكم من الغائط يعني الذي أحدث بالتبرز إلى الغائط وهو المطمئن من الأرض ، وكانوا يتبرزون هناك ليغيبوا عن أعين الناس ، ثم قيل للحدث غائط ، إذا كان سببا له .
وقوله :
أو لامستم النساء ، وقرئ لمستم .
فمعنى اللمس في اللغة : طلب الشيء باليد هاهنا وهاهنا ، قال
لبيد : يلمس الأحلاس في منزله بيديه كاليهودي المصل
واختلف المفسرون في اللمس المذكور هاهنا على قولين : أحدهما : أن المراد به الجماع وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وهؤلاء لا يحكمون بانتقاض الطهر باللمس ، وهو مذهب الكوفيين .
والقول الثاني : أن المراد باللمس هاهنا : التقاء البشرتين سواء بجماع أو غيره ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وإبراهيم ، ومنصور ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهؤلاء يوجبون
الطهارة على من أفضى بشيء من بدنه إلى عضو من أعضاء المرأة .
وهذا القول أولى ؛ لأن حقيقة اللمس في اللغة باليد ، وحمل الآية على الحقيقة أولى .
وقوله :
فتيمموا صعيدا طيبا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فتعمدوا الأرض وتربتها ، والمراد بالتيمم هاهنا :
[ ص: 59 ] التمسح بالتراب ، وذكرنا معناه في اللغة في سورة البقرة ، وأما الصعيد فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : "الصعيد " : التراب .
وقال
ابن الأعرابي : "الصعيد " : الأرض بعينها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : "الصعيد " : وجه الأرض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار .
والطيب من الأرض : اسم لما ينبت بدليل قوله :
والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه .
وقوله :
فامسحوا بوجوهكم وأيديكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
تضرب بكفيك على وجه الأرض ، ثم تردهما إلى وجهك ، ثم تضرب الثانية بكفيك فتمسح واحدة بالأخرى إلى المرفقين . والتيمم من خصائص هذه الأمة ومما أكرمهم الله تعالى به ، وأما ابتداء التيمم فهو ما .
أخبرنا
أبو منصور بن طاهر التيمي ، أخبرنا
أبو عبد الله بن يزيد الجوزي ، حدثنا
علي بن الحسن الصفار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، عن
عبد الرحمن بن القاسم ، عن
أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=657558خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، قالت : فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه على فخذي قد نام ، فقال : أحبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ؟ قالت : فعاتبني أبو بكر ، وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم ، فتيمموا .
فقال أسيد بن حضير ، وهو أحد النقباء : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر ، فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد ، [ ص: 60 ] رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس ، كلاهما عن
مالك .
وأخبرنا
أبو منصور ، أخبرنا
القاسم بن غانم بن حمويه ، حدثنا
محمد بن إبراهيم بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، حدثنا
الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=21106عمرو بن بجدان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=98892 "التيمم طهور المسلم ولو إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسسه بشرتك فإنه طهور "