يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم [ ص: 199 ] السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين
قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه وقرأ أهل الحجاز : يرتدد بإظهار دالين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وهو الأصل ؛ لأن الثاني إذا سكن من المضاعف ظهر التضعيف نحو إن يمسسكم ويجوز في اللغة : "إن يمسكم " ؛ لأنه يحرك الثاني بالفتح عند الإدغام .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : علم الله أن قوما يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم ، فأخبر أنه :
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه واختلفوا في ذلك القوم من هم ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : هم
أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة ومنكري الزكاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : لما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم ارتد عامة العرب ، إلا
أهل مكة وأهل المدينة وأهل البحرين من
عبد قيس ، فقال المرتدون : أما الصلاة فنصلي ، وأما الزكاة فلا تغصب أموالنا ، فكلم
أبو بكر في ذلك ، فقال : والله لا أفرق بين ما جمع الله ، قال الله :
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، والله لو منعوني عقالا مما أدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه .
فبعث الله عصائب مع أبي بكر ، فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أقروا بالماعون وهو الزكاة المفروضة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : كرهت الصحابة
قتال مانعي الزكاة ، وقالوا : أهل القبلة ، فتقلد
أبو بكر سيفه وخرج وحده ، فلم يجدوا بدا من الخروج على إثره .
[ ص: 200 ] وقال ابن مسعود : كرهنا ذلك في الابتداء ، وحمدناه في الانتهاء ، ورأينا ذلك رشدا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : لولا ما فعل
أبو بكر لألحد الناس في الزكاة إلى يوم القيامة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11983أبا حصين يقول : ما ولد لآدم في ذريته بعد النبيين مولود أفضل من
أبي بكر ، ولقد قام يوم الردة مقام نبي من الأنبياء .
وقال آخرون : المراد بقوله :
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم الآية :
الأشعريون وهو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم على ما .
أخبرنا
الأستاذ أبو إبراهيم الواعظ ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13779الإمام أبو بكر الإسماعيلي ، أخبرنا
أبو خليفة الجمحي ، حدثنا
أبو عمرو الحوضي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
سماك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16737عياض الأشعري ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939359لما نزلت هذه الآية فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هم قوم هذا " يعني : nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن
عثمان بن السماك ، عن
عبد الملك بن محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة وقوله :
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تراهم للمؤمنين كالولد لوالده ، وكالعبد لسيده ، وهم في الغلظة على الكافر كالسبع على فريسته ، وهذا كقوله :
أشداء على الكفار رحماء بينهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في هذه الآية : يقول الله تعالى : إن ارتد أحد عن دينه الذي هو الإيمان فسوف يأتي الله بقوم مؤمنين غير منافقين ،
أذلة على المؤمنين ، أي : جانبهم لين للمؤمنين ليس لأنهم أذلة مهانون ،
أعزة على الكافرين ، أي : جانبهم غليظ على الكافرين .
قوله :
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم لأن المنافقين كانوا يراقبون الكفار ويظاهرونهم ، ويخافون لومهم ، فأعلم الله أن الصحيح الإيمان لا يخاف في نصرة الدين بيده ولسانه لومة لائم .
[ ص: 201 ] .
أخبرنا
أبو معمر المفضل بن إسماعيل الإسماعيلي ، أخبرنا
الإمام جدي أبو بكر الإسماعيلي ، حدثنا
عبد الله بن صقر السكري ، حدثنا
الفضل بن السخيت ، حدثني
صالح بن بيان ، عن
المسعودي ، عن
القاسم بن عبد الرحمن ، عن
أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من أراد الجنة لا شك فلا يخف في الله لومة لائم " وقوله :
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء أي : محبتهم لله ولين جانبهم للمؤمنين ، وشدتهم على الكافرين ، تفضل من الله عليهم ، لا توفيق لهم إلا به .
قوله عز وجل :
إنما وليكم الله ورسوله الآية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي : نزلت في قصة
عبد الله بن أبي ، nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت حين تبرأ من اليهود ، وقال : أتولى الله ورسوله والذين آمنوا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : إن اليهود هجروا من أسلم منهم ولم يجالسوهم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : يا رسول الله إن قومنا قد هجرونا ، وأقسموا أن لا يجالسونا .
فنزلت هذه الآية ، فقال : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء .
والآية عامة في جميع المؤمنين ، فكل مؤمن ولي لكل مؤمن ، لقوله تعالى :
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ، ونحو هذا روي عن
أبي جعفر الباقر ، قال : نزلت في الذين آمنوا .
فقيل له : إن ناسا يقولون : إنها نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
فقال :
علي من الذين آمنوا .
[ ص: 202 ] وقوله : وهم راكعون قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يعني : صلاة التطوع بالليل والنهار ، وإنما أفرد الركوع بالذكر تشريفا له .
قوله جل جلاله :
ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا يعني : يتولى القيام بطاعة الله ونصرة رسوله والمؤمنين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد المهاجرين والأنصار ،
فإن حزب الله هم الغالبون معنى الحزب في اللغة : الجماعة ، وحزب الرجل : أصحابه الذين معه على رأيه ، والمؤمنون حزب الله ، والكافرون حزب الشيطان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : حزب الله : جند الله .
وقال
أبو روق : أولياء الله .
ومعنى هم الغالبون : أنهم غلبوا اليهود فقتلوا قريظة ، وأجلوا
بني النضير من ديارهم ، وغلبوهم عليها ، وبقي عبد الله بن سلام وأصحابه الذين تولوا الله ورسوله والذين آمنوا .
قوله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان رجال من اليهود آمنوا ثم نافقوا ، وكان ناس من المسلمين يودونهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
ومعنى اتخاذهم الدين هزوا ولعبا : تلاعبهم بالدين وإظهارهم ذلك باللسان واستبطانهم الكفر .
وقوله : والكفار يعني : كفار مكة ، وهو نسق على قوله :
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم يعني اليهود .
ومن نصب : كان نسقا على قوله :
لا تتخذوا الذين اتخذوا كأنه قال : ولا تتخذوا الكفار
أولياء واتقوا [ ص: 203 ] الله بطاعته
إن كنتم مؤمنين بوعده ووعيده ، أي : فلا توالوهم واتركوا موالاتهم .
قوله عز وجل :
وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا أي : إذا دعوتم الناس إلى الصلاة بالأذان ، والنداء : الدعاء بأرفع الصوت .
قال المفسرون : كان المؤذن إذا أذن للصلاة تضاحكت اليهود فيما بينهم ، وتغامزوا على طريق السخف والمجون ، استهزاء بالصلاة ، وتجهيلا لأهلها ، وتنفيرا للناس عنها ، وعن الداعي إليها .
ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ما لهم في إجابتهم لو أجابوا إليها ، وما عليهم في استهزائهم بها .
قوله جل جلاله :
قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله الآية يقال : نقمت على الرجل ، أنقم .
إذا أنكرت عليه شيئا وبالغت في كراهته ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن نفرا من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن يؤمن به من الرسل ، فقال : أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل إلى قوله : ونحن له مسلمون ، فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته ، وقالوا : لا نعلم أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم ، ولا دينا أشر من دينكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي بعدها .
ومعنى
هل تنقمون منا هل تكرهون منا وتنكرون علينا
إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وهذا مما ينكر أو يعاب به .
وقوله :
وأن أكثركم فاسقون قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى : هل تكرهون إلا إيماننا وفسقكم .
أي : إنما كرهتم
[ ص: 204 ] إيماننا وأنتم تعلمون أننا على حق لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لمحبتكم الرياسة وكسبكم الأموال ، وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : لفسقكم نقمتم علينا .
قوله جل جلاله :
قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لليهود : هل أخبركم بشر مما نقمتم من إيماننا ثوابا وجزاء :
من لعنه الله أي : هو من لعنه الله ، وغضب عليه يعني : اليهود
وجعل منهم القردة والخنازير يعني بـ القردة : أصحاب السبت ، وبالخنازير : كفار مائدة
عيسى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=20894الوالبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن المسخين من أصحاب السبت ؛ لأن شبابهم مسخوا قردة ، ومشايخهم خنازير .
وقوله :
وعبد الطاغوت قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : عبد نسق على لعنه الله لأن المعنى : لعنه الله وعبد الطاغوت ، أي : أطاع الشيطان فيما سول له .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة وعبد بضم الباء ، الطاغوت بالكسر على تأويل : وجعل منهم عبد الطاغوت ، وأراد بالعبد : العبد ، فضمت الباء للمبالغة ، قال أوس بن حجر :
أبني لبينى إن أمكمو أمة وإن أباكمو عبد
أراد : عبدا ، فضم الباء .
[ ص: 205 ] وليس عبد لفظ جمع ؛ لأنه ليس في أبنية الجموع شيء على هذا البناء ، ولكنه واحد يراد به الكثرة ، كقوله :
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها .
وقوله : أولئك أي : أهل هذه الصفة شر مكانا : من المؤمنين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لأن مكانهم سقر ، ولا شر في مكان المؤمنين حتى يقال : اليهود شر مكانا منهم ، ولكن هذا مبني على كلام الخصم وكذلك قوله :
قل هل أنبئكم بشر من ذلك لأنهم قالوا : لا نعرف أهل دين شرا منكم ، فقيل لهم : شر منهم من كان بهذه الصفة .
وقوله :
وأضل عن سواء السبيل أي : عن قصد الطريق .
قوله عز وجل :
وإذا جاءوكم قالوا آمنا الآية : قال الكلبي : إن جماعة من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : صدقنا أنك رسول الله وهم يسرون بالكفر ، وهو قوله :
وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به أي : دخلوا وخرجوا كافرين ، والكفر معهم في كلتي حالتيهم .
والله أعلم بما كانوا يكتمون أي : من نفاقهم وإبطانهم الكفر .
وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يجترئون على الخطأ والتعدي على الناس بما لا يحل .
وأكلهم السحت يعني : الرشى في الحكم ،
لبئس ما كانوا يعملون ذم لفعلهم .
قوله : لولا : هلا ينهاهم : عما يرتكبونه من القبيح الربانيون والأحبار : فقهاء اليهود وعلماؤهم ،
لبئس ما كانوا يصنعون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : ما في القرآن آية أخوف عندي من هذه الآية ، أساء الله الثناء على الفريقين على اليهود وعلى العلماء بترك النكير عليهم فيما صنعوا .
ودلت الآيتان على أن : تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه .
قوله عز وجل :
وقالت اليهود يد الله مغلولة قال المفسرون : إن الله تبارك وتعالى كان قد بسط على
[ ص: 206 ] اليهود حتى كانوا من أكثر الناس مالا وأخصبهم ناحية ، فلما عصوا الله في
محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذبوا به كف الله عنهم ما بسط عليهم من النعمة ، فعند ذلك قالت اليهود : يد الله مغلولة .
أي : مقبوضة عن العطاء على جهة الصفة بالبخل ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أخبر الله تعالى بعظيم فريتهم فقال :
وقالت اليهود يد الله مغلولة أي : يده ممسكة عن الإسباغ علينا ، كما قال عز وجل :
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك أي : لا تمسكها عن الإنفاق .
وقوله : غلت أيديهم أي : جعلوا بخلاء وألزموا البخل ، فهم أبخل قوم ، ولا يلقى يهودي أبدا غير لئيم بخيل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : غلت أيديهم في نار جهنم على الحقيقة ، أي : شدت إلى أعناقهم .
وتأويله : أنهم جوزوا على هذا القول بأن غلت أيديهم في نار جهنم ،
ولعنوا بما قالوا أي : عذبوا في الدنيا بالجزية ، وفي الآخرة بالنار .
أخبرنا
أبو عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز الفقيه ، أخبرنا
أبو الحسن علي بن محمد القزويني ، أخبرنا
أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16067سهل بن عمار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=18669حفص بن عبد الله ، حدثنا
أبو عصمة نوح بن أبي مريم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من لعن شيئا لم يكن للعنة أهلا ، رجعت اللعنة على اليهود بلعنة الله إياهم " [ ص: 207 ] وقوله :
بل يداه مبسوطتان هذا جواب لليهود ، ورد لما افتروه ، وإبطال لما بهتوا فيه ، أجيبوا على قدر كلامهم لما قالوا :
يد الله مغلولة يريدون به : تبخيل الله ، فقيل :
بل يداه مبسوطتان أي : هو جواد ،
ينفق كيف يشاء ، ومعنى التثنية في يداه : المبالغة في الجود والإنعام .
وذهب قوم إلى أن معنى اليد في هذه الآية : النعمة ، فقالوا في قوله :
يد الله مغلولة نعمة الله مقبوضة ، وفي قوله :
بل يداه مبسوطتان نعمتاه .
أي : نعمة الدنيا والآخرة ،
ينفق كيف يشاء يرزق كما يريد ، إن شاء قتر وإن شاء وسع .
وقوله :
وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا أي : كلما أنزل عليك شيء من القرآن كفروا به فيزيد كفرهم ،
وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة أي : بين اليهود والنصارى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وقيل : أراد : طوائف اليهود ، وهو اختيار الزجاج ، قال : جعلهم الله مختلفين في دينهم متباغضين ، وهو أحد الأسباب التي أذهب الله بها جدهم وشوكتهم .
كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كلما أرادوا محاربتك ردهم الله تعالى ، وألزمهم الخوف منك ومن أصحابك .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هذا عام في كل حرب طلبتها اليهود ، فلا تلقى اليهود ببلدة إلا وجدتهم من أذل الناس .
وقوله :
ويسعون في الأرض فسادا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي يجتهدون في دفع الإسلام ومحو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من كتبهم .
[ ص: 208 ]