صفحة جزء
قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون

قوله: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله إنما وصفوا بالخسران لأنهم باعوا الإيمان بالكفر، فعظم خسرانهم في ذلك البيع.

ومعنى بلقاء الله: بالبعث والثواب والعقاب والمصير إلى الله.

قوله: حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة يعني: الوقت الذي تقوم فيه القيامة، والبغتة: الفجأة، يعني:

[ ص: 264 ] إنها تأتي فجأة لا يعلمها أحد فينتظرها، و قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها التفريط: التضييع والترك.

أي: على ما تركنا وضيعنا من عمل الآخرة في الدنيا.

وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم الأوزار: الأثقال من الإثم، قال ابن عباس: يريد: آثامهم وخطاياهم.

قال المفسرون: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحا، فيقول: أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم، فذلك قوله: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا أي: ركبانا.

وإن الكافر إذا خرج من قبره استقبله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحا، فيقول: أنا عملك السيئ طالما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم، وذلك قوله: وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ، وهذا قول قتادة، والسدي.

وقوله: ألا ساء ما يزرون يقال: وزرت الشيء أزره وزرا إذا حملته.

قال ابن عباس: بئس الحمل حملوا.

قوله: وما الحياة الدنيا يعني: الحياة في هذه الدار إلا لعب ولهو أي: باطل وغرور لأنها تنقضي وتفنى، كاللعب واللهو لذة فانية عن قرب.

وللدار الآخرة يعني: الجنة خير للذين يتقون الشرك أفلا يعقلون أنها كذلك فيصلوا لها.

وقرأ ابن عامر: ولدار الآخرة بالإضافة، قال الفراء: يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، كقولهم: بارحة الأولى، ويوم الخميس، وحق اليقين.

[ ص: 265 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية