فلما أعجبوا بعلمهم فضل الله
آدم عليهم بالعلم، فعلمه الأسماء كلها، وذلك قوله:
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون وعلم آدم الأسماء كلها : ووجه تعليمه
آدم أن خلق في قلبه علما بالأسماء على سبيل الابتداء، وألهمه العلم بها.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : علمه اسم كل شيء، حتى القصعة والمغرفة، وقال أهل التأويل: إن الله تعالى علم
آدم جميع اللغات، ثم إن أولاده تكلم كل واحد منهم بلغة أخرى، فلما تفرقوا في البلاد اختص كل فرقة منهم بلغة، فاللغات كلها إنما سمعت من
آدم وأخذت عنه.
[ ص: 117 ] وقوله تعالى:
ثم عرضهم على الملائكة : معنى العرض في اللغة: الإظهار، ومنه عرض الجارية، وعرض الجند، يقال: عرضت المتاع على البيع، إذا أظهرته للمشتري.
قال الله تعالى:
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : أي: أبرزها حتى رأوها.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل : إن الله تعالى خلق كل شيء: الحيوان والجماد، ثم علم
آدم أسماءها، ثم عرض تلك الشخوص الموجودات على الملائكة؛ ولذلك قال: "ثم عرضهم"؛ لأنه كنى عن المسمين والمسميات، وكان فيهم من يعقل من الجن والإنس والملائكة.
وقوله:
أنبئوني بأسماء هؤلاء أي: أخبروني، والنبأ: الخبر، وهذا أمر تعجيز، أراد الله تعالى أن يبين عجزهم عن علم ما يرون ويشاهدون، فلا يظنون أنهم أعلم من الخليفة الذي يجعله الله في الأرض.
وقوله تعالى: "إن كنتم صادقين" : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : إن كنتم صادقين أنني لا أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه وأفضل منه.
فقالت الملائكة -إقرارا بالعجز واعتذارا- "سبحانك" قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تنزيها لك، وتعظيما عن أن يعلم الغيب أحد سواك، وقيل: تنزيها لك عن الاعتراض عليك في حكمك، وهو منصوب على المصدر عند
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء إذا قلت: سبحان الله فكأنك قلت سبحت الله تسبيحا وسبحانا فجعل السبحان في موضع التسبيح، كما تقول: كفرت عن يميني تكفيرا وكفرانا، وكلمته كلاما، وسلمت سلاما. قال الله تعالى:
وسرحوهن سراحا .
قال
سيبويه : يقال: سبحت الله تسبيحا، وسبحانا، فالمصدر: تسبيح، وسبحان: اسم يقوم مقام المصدر.
[ ص: 118 ] وقوله:
لا علم لنا إلا ما علمتنا : قال المفسرون: هذا اعتراف عن الملائكة بالعجز عن علم ما لم يعلموه، فكأنهم قالوا:
لا علم لنا إلا ما علمتنا وليس هذا مما علمتنا، فجاء الكلام مختصرا.
وقوله: "إنك أنت العليم" أي: العالم، الحكيم: الحاكم، تحكم بالعدل وتقضي به، والحكم: القضاء بالعدل، قال
النابغة :
وأحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثمد
ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى: المحكم للأشياء، كالأليم بمعنى المؤلم، والسميع بمعنى المسمع في قول
عمرو بن معدي كرب :
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
وقوله تعالى:
قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم : قال المفسرون: لما ظهر عجز الملائكة عن علم أسماء الموجودات، قال الله عز وجل: (يا آدم أنبئهم بأسمائهم)، فسمى كل شيء باسمه، وألحق كل شيء بجنة،
فلما أنبأهم بأسمائهم أخبرهم بتسمياتهم،
قال ألم أقل لكم لم: حرف نفي وصل بألف الاستفهام، فصار بمعنى الإيجاب والتقرير كقول
جرير :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
وقوله:
إني أعلم غيب السماوات والأرض أي: ما غاب فيهما عنكم، وهذا كقوله:
ولله غيب السماوات والأرض أي: له ما غاب فيهما ملكا وخلقا.
وأعلم ما تبدون من قولكم:
أتجعل فيها من يفسد فيها ،
وما كنتم تكتمون من إضمار إبليس
[ ص: 119 ] الكفر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة :
وما كنتم تكتمون يعني قولهم: لن يخلق الله خلقا أفضل ولا أعلم منا.