صفحة جزء
وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون

[ ص: 389 ] وقوله: وما أرسلنا في قرية قال ابن عباس: يريد في مدينة.

والقرى في كتاب الله كله المدائن، وقوله: من نبي هو محذوف الصفة لأن التقدير من نبي فكذب، أو فكذبه أهلها إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء يعني: الفقر والجوع والأسقام لعلهم يضرعون أي: يتذللون ويستكينون، ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة يعني بالسيئة: البؤس والمرض، وبالحسنة: الغنى والصحة، والمعنى: أنه يعطيهم بدل ما كانوا فيه من البؤس والمرض، المال والصحة، أخبر الله أنه يأخذ أهل المعاصي بالشدة تارة وبالرخاء تارة، وقوله: حتى عفوا أي: كثروا وزادوا وكثرت أموالهم، يقال: عفا الشعر والوبر إذا كثر، وقال مجاهد: كثرت أموالهم وأولادهم.

وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء يعني: لما صاروا على الرخاء قالوا: قد مس آباءنا من الدهر الشدة والرخاء، وتلك عادة الدهر ولم يكن ما مسنا عقوبة من الله فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم لم يقلعوا عن دينهم بما مسهم من الضراء.

وقوله: فأخذناهم بغتة أي: لما فسدوا على الأمرين جميعا أخذناهم بغتة، آمن ما كانوا ليكون أعظم في الحسرة، وهم لا يشعرون بنزول العذاب، وإنما أخبر الله تعالى بهذا عن الأمم السالفة، فليعتبر أولئك المشركون الذين كانوا يكذبون محمدا صلى الله عليه وسلم.

قوله: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا قال ابن عباس: وحدوا الله واتقوا الشرك.

لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض قال: يريد: الأمطار والخصب وكثرة المواشي والأنعام، ولكن كذبوا الرسل فأخذناهم بالجدوبة والقحط بما كانوا يكسبون من الكفر والمعصية.

التالي السابق


الخدمات العلمية