يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ولا تكونوا كالذين [ ص: 464 ] خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم
قوله:
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي: إذا لقيتم جماعة العدو فاثبتوا لعدوكم.
واذكروا الله قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: أمر الله بذكره، وهم أشغل ما يكونون عند الضراب بالسيف.
وقال غيره: أراد بالذكر هاهنا الدعاء بالنصر والظفر.
وأطيعوا الله ورسوله فيما يأمركم به، ولا تنازعوا لا تختلفوا فيما بينكم، فتفشلوا فتجبنوا عن عدوكم، وتذهب ريحكم جلدكم وجدكم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: نصرتكم.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: جرأتكم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش: دولتكم.
والريح هاهنا: كناية عن نفاذ الأمر وجريانه على المراد، والعرب تقول: هبت ريح فلان.
إذا أقبل أمره على ما يريد، وركدت ريحه.
إذا أدبر أمره، وقال
ابن زيد، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة: يعني: ريح النصر، لم يكن نصر قط إلا ريح يبعثها الله يضرب بها وجوه العدو، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ".
قوله تعالى:
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا الآية: قال جماعة المفسرين: يعني: قريشا خرجوا من
مكة ليحموا غيرهم، فخرجوا معهم القيان والمعازف يشربون الخمور وتعزف عليهم القيان، فذلك قوله:
بطرا ورئاء الناس قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: البطر: الطغيان في النعمة وترك شكرها، والرياء: إظهار الجميل ليرى مع إبطان القبيح، يقال: راءى يرائي رياء ومراءاة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: هؤلاء
[ ص: 465 ] أهل
مكة خرجوا ولهم بغي وفخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم إن قريشا أقبلت بفخرها وخيلائها لتحادك ورسولك " .
فنهى الله المؤمنين أن يكونوا مثلهم، وأمرهم بإخلاص النية والحسبة في نصرة الدين، وقوله:
ويصدون عن سبيل الله أي: بمعاداة المسلمين، وتكذيب الداعي إليها، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يضلون عن دين الله.
والله بما يعملون محيط أي: أنه عالم بما يعملون فهو يجازيهم.
قوله تعالى:
وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي: يعني مسيرهم إلى
بدر، وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وذلك أنهم لما أجمعوا السير خافوا
بني كنانة لأنهم كانوا يطلبونهم بدم، فأتاهم إبليس في صورة
سراقة بن مالك الكناني، وقال: أنا جار لكم على
بني كنانة، وذلك قوله:
وإني جار لكم أي: حافظ لكم منهم فلا يصل إليكم من جهتهم مكروه،
فلما تراءت الفئتان التقى الجمعان من المسلمين والمشركين، وصارتا بحيث رأى أحدهما الآخر، رأى إبليس
جبريل ينزل ومعه الملائكة، فولى مدبرا، وهو قوله:
نكص على عقبيه يقال: نكص ينكص نكوصا.
إذا تأخر عن الشيء وجبن، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: رجع موليا.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: رجع القهقرى.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي: كان إبليس لعنه الله في صف المشركين على صورة
سراقة آخذا بيد
الحارث بن هشام، فرأى الملائكة حين نزلت من السماء فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: يا سراقة أفرارا من غير قتال؟ فقال له: يا حارث،
إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ، ودفع في صدر الحارث، وانطلق وانهزم الناس.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: صدق عدو الله في قوله:
إني أرى ما لا ترون ، وكذب في قوله:
إني [ ص: 466 ] أخاف الله ، والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له، فأوردهم وأسلمهم، وتلك عادة عدو الله لمن أطاعه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: إني أخاف الله أن يهلكني فيمن يهلك.
قوله
إذ يقول المنافقون قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: من
الأوس والخزرج وأهل المدينة. والذين في قلوبهم مرض قوم من
قريش كانوا قد أسلموا ولم يهاجروا، فخرجوا مع من خرج من
مكة لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إن كان
محمد في كثرة خرجنا إليه، فلما رأوا قلة عدد المسلمين، قالوا:
غر هؤلاء دينهم إذ خرجوا مع قلة عددهم لحرب قريش مع كثرتهم، ولا يشكون في أن قريشا تغلبهم، قال الله تعالى:
ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم أي: ومن يسلم أمره إلى الله ويثق به وبقضائه فإن الله قوي عزيز، يفعل بأعدائه ما شاء، حكيم في خلقه.