صفحة جزء
وقوله: أنا أنبئكم بتأويله أي: أنا أخبركم به فأرسلون فأرسل، فأتى يوسف فقال: يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله [ ص: 616 ] إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون

يوسف يعني يا يوسف أيها الصديق الكثير الصدق فيما يخبر به، وما بعد ذلك ظاهر إلى قوله تعالى: لعلي أرجع إلى الناس يعني: الملك، وأصحابه، والعلماء الذين جمعهم لتعبير رؤياه لعلهم يعلمون كي يعرفوا ذلك، وقيل: لعلهم يعلمون فضلك وعلمك.

قال له يوسف: أما السبع بقرات السمان فإنهم سبع سنين مخصبات وذوات نعمة، وأنتم تزرعون فيها، وهو قوله قال تزرعون أي: فازرعوا سبع سنين دأبا قال ابن عباس: متوالية.

والدأب: استمرار الشيء على عادة، وهو دائب يفعل كذا، أي: استمر في فعله، وقد دأب يدأب دأبا ودأبا، والمعنى: زراعة متوالية في هذه السنين على عادتكم فما حصدتم مما زرعتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون يعني: ما أردتم أكله فدوسوه، ودعوا الباقي في السنبل؛ لأنه أبقى له وأبعد عن الفساد ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يعني: سبع سنين مجدبات، والشداد: الصعاب التي تشتد على الناس يأكلن يذهبن ويفنين ما قدمتم لهن في السنين المخصبة إلا قليلا مما تحصنون تحرزون وتدخرون، والإحصان: إحراز الشيء، قوله: ثم يأتي من بعد ذلك عام الآية، قال قتادة: زاده الله علم عام لم يسألوه عنه.

وقوله: فيه يغاث الناس يقال: غاث الله البلاد يغيثها غيثا.

إذا أنزل بها الغيث، ومعنى يغاث الناس: يمطرون ويسقون الغيث وفيه يعصرون من السمسم دهنا، ومن العنب عصيرا، ومن الزيتون زيتا للخصب الذي آتاهم كما كانوا يعصرون أيام الخصب.

التالي السابق


الخدمات العلمية