صفحة جزء
وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين

قوله: وجاء أهل المدينة يعني مدينة قوم لوط، وهي شذوم ، يستبشرون يفرحون بعملهم الخبيث طمعا منهم في ركوب الفاحشة، فقال لهم لوط لما قصدوا أضيافه: إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون .

[ ص: 49 ] يقال: فضحه يفضحه إذ أبان من أمره ما يلزمه به العار.

والمعنى: لا يفضحون بقصدكم إياهم بالسوء، فيعلموا أنه ليس لي عندكم قدر.

واتقوا الله ولا تخزون مذكور في سورة هود، فقالوا له: أولم ننهك عن العالمين أي: عن ضيافة العالمين، والمعنى: أولم ننهك عن أن تدخل أحدا بيتك، لأنا نريد منه الفاحشة، فقال لهم لوط : هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين أي: إن كنتم فاعلين لهذا الشأن، فعليكم بالتزوج ببناتي، ومضى الكلام في هذا.

قوله لعمرك العمر والعمر واحد، فإذا أقسموا فتحوا العين لا غير، قال الزجاج : لأن الفتح أخف عليهم، وهم يكثرون القسم بلعمري، فلزموا الأخف.

قال ابن عباس في رواية عطاء : يريد وعيشك يا محمد .

أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ ، أنا عبد الله بن حامد ، نا عبد الرحمن بن محمد الزهري ، نا العباس الدوري ، حدثني أبو عتاب سهل بن حماد ، نا سعيد بن زيد ، حدثني عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، قال: ما خلق الله، عز وجل، ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد ، صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته، قال: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون وقوله: إنهم لفي سكرتهم يعمهون قال عطاء : يريد أن قومك في ضلالتهم يتمادون.

وقال عامة المفسرين: يعني قوم لوط .

فأخذتهم الصيحة يعني صيحة العذاب.

قال المفسرون: صاح بهم جبريل صيحة أهلكتهم.

وقوله: مشرقين يقال: أشرق القوم إذا دخلوا في وقت شروق الشمس، مثل أصبحوا وأمسوا.

والمعنى أن العذاب أتاهم في شروق الشمس، يقال: إن أول العذاب كان مع طلوع الصبح، ثم امتد إلى شروق الشمس، لذلك قال: مصبحين، ثم قال: مشرقين.

فجعلنا عاليها سافلها مفسر في سورة هود.

إن في ذلك يعني فيما فعل بقوم لوط ، لآيات للمتوسمين يقال: توسمت في فلان خيرا إذا رأيت أثره فيه.

والمتوسم: الناظر في السمة الدالة على الشيء.

قال عطاء ، عن ابن عباس : للمتفرسين.

وقال الضحاك : للناظرين.

قال مقاتل : للمتفكرين.

وقال قتادة : للمعتبرين [ ص: 50 ] .

أخبرنا أبو حسان المزكي ، أنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، نا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب ، نا سعيد بن محمد الجرمي ، نا عبد الواحد بن واصل ، نا أبو بشر المزلق ، عن ثابت ، عن أنس ، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم " قوله: وإنها يعني مدينة قوم لوط ، لبسبيل مقيم بطريق واضح لا يندر ولا يخفى، قال ابن عباس : على طريق قومك إلى الشام .

والمعنى أن الاعتبار بها ممكن.

إن في ذلك لآية للمؤمنين لعبرة للمصدقين، يعني أن المؤمنين اعتبروا وصدقوا.

التالي السابق


الخدمات العلمية