صفحة جزء
حدثنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني ، إملاء في مسجد عقيل سنة ست عشرة وأربع مائة، أنا الإمام أبو بكر الإسماعيلي ، نا إسحاق بن إبراهيم الكوفي ، نا إسحاق بن حاتم ، نا مسعود بن مشكان الواسطي ، نا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " في العنب خمسة أشياء حلال: تأكلونه عنبا، وعصيرا ما لم ينش، وتتخذون منه زبيبا، وربا، وخلا " .

قوله: وأوحى ربك إلى النحل قال: المفسرون قذف في أنفسها وألهمها، أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر قال ابن عباس : هي تتخذ من الجبال لأنفسها بيوتا إذا كانت لا أصحاب لها.

وقوله: ومما يعرشون قرئ بضم الراء وكسرها، وهما لغتان مثل يعكفون ويعكفون، ومعناه: يبنون ويسقفون، يعني ما يبني الناس لها من خلاياها التي تعمل فيها النحل، ولولا التسخير وإلهام الله ما كانت تأوي إلى ما يبنى لها من بيوتها.

ثم كلي من كل الثمرات مما تثمره الأشجار فاسلكي سبل ربك قال ابن عباس : طرق ربك تطلب فيها الرعي.

ذللا جمع ذلول وهو المنقاد اللين المسخر، ويجوز أن يكون من نعت النحل، يعني مطيعة للتسخير وإخراج العسل من بطنها، وهذا قول قتادة ، واختيار ابن قتيبة .

ويجوز أن يكون من نعت السبل، وهو قول مجاهد ، قال: لا يتوعر عليها مكان سلكته، وهي ترعى الأماكن البعيدة ذوات [ ص: 72 ] الغياض.

واختاره الزجاج ; لأنه قال: قد ذللها الله لك وسهل عليك مسالكها.

وقوله: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه قال ابن عباس : منه أحمر، وأبيض، وأصفر.

وقال الزجاج : هي تأكل الحامض والمر، فيحيل الله ذلك عسلا، يخرج من بطونها إلا أنها تلقيه من أفواهها كالريق الذي يخرج من فم ابن آدم .

وقوله: فيه شفاء للناس قال السدي : فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه.

وقال قتادة : فيه شفاء للناس من الأدواء.

أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان العدل ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب ، أنا أحمد بن عبد الرحمن السقطي ، نا يزيد بن هارون ، أنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال: جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا رسول الله، إن أخي قد استطلق بطنه، فقال: اسقه عسلا فسقاه عسلا، ثم أتاه فقال: سقيته فلم يزده إلا استطلاقا، ثم قال: اسقه عسلا، قال: فشفي إما في الثالثة، وإما في الرابعة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: صدق الله، وكذب بطن أخيك " رواه البخاري ، ومسلم ، عن غندر ، عن شعبة ، ومعنى قوله: صدق الله; أي: في قوله فيه شفاء للناس .

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أنا محمد بن أحمد بن حماد الدقاق ، أخبرني محمد بن إسحاق السراج ، نا الحسن بن حماد الوراق ، نا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت: " كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحب الحلواء والعسل " .

رواه البخاري ، عن إسحاق الحنظلي ، عن أبي أسامة .

أخبرنا أبو بكر التميمي ، أنا أبو الشيخ ، نا أبو يحيى الرازي ، نا سهل بن عثمان ، نا الحكم ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي ، رضي الله عنه، قال: أتي برجل سقيم، فقالوا: إنا عالجناه فليس ينفعه شيء، فقال علي : ليأخذن من مهر امرأته أربعة دراهم، فيشتري بها عسلا فإذا أمطرت السماء فليشرب به، قال الله، تعالى: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس .

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي ، أنا محمد بن بشر بن العباس ، أنا محمد بن إدريس الشامي ، نا سويد بن سعيد ، نا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال: قال عبد الله بن مسعود : عليكم بشفاءين: القرآن والعسل وقوله: [ ص: 73 ] إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون أي: في عظمة الله وقدرته.

قوله: والله خلقكم الآية، قال المفسرون: خلقكم ولم تكونوا شيئا.

ثم يتوفاكم عند انقضاء آجالكم، ومنكم من يرد إلى أرذل العمر وهو أرداه وأوضعه، يقال: رذل يرذل رذالة.

قال السدي : أرذل العمر الخوف.

وقال قتادة .

تسعون سنة.

وروي عن علي رضي الله عنه، قال: أرذل العمر خمس وسبعون سنة.

قوله: لكي لا يعلم بعد علم شيئا قال ابن عباس : كي يصير كالصبي الذي لا عقل له.

قال عطاء ، عن ابن عباس : ليس هذا في المسلمين، المسلم لا يزداد في طول العمر والبقاء إلا كرامة عند الله، وعقلا، ومعرفة.

وقال عكرمة : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر حتى لا يعلم بعد علم شيئا.

إن الله عليم بما صنع بأوليائه وأعدائه، قدير على ما يريد.

التالي السابق


الخدمات العلمية