صفحة جزء
والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون

والله فضل بعضكم على بعض في الرزق يعني كثر وقلل، وبسط وقبض، ووسع وضيق، فما الذين فضلوا في الرزق، وأعطوا الفضل، برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم يقول: لا يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق شيئا حتى يكون المولى والمملوك في المال سواء.

وهذا مثل ضربه الله للمشركين في تصييرهم عبادا له شركاء له، فقال: إذا لم يكن عبيدكم معكم سواء في الملك فكيف تجعلون عبيدي معي سواء؟ قال السدي : يقول: فكما لا يرد أحدكم على مملوكه مما رزقه حتى يكون مثله، فكذلك لا يكون الله والصنم الذي هو من خلقه وملكه سواء.

أفبنعمة الله يجحدون حيث أشركوا به غيره، ومن قرأ بالتاء كان التقدير قل لهم يا محمد أفبنعمة الله تجحدون بالإشراك به؟ فقوله: والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا قال المفسرون: يعني النساء، [ ص: 74 ] خلق حواء من ضلع آدم .

وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة الحفدة جمع حافد، يقال: حفد يحفد حفدا وحفودا إذا أسرع، ومنه الدعاء: وإليك نسعى ونحفد.

وكل من خف في الخدمة، وأسرع في العمل بالطاعة، فهو حافد، قال ابن عباس في رواية الوالبي : هم أختان الرجل على بناته.

وقال السدي ، وعكرمة : هم ولد الرجل الذين يعينونه.

وقال مجاهد : ولد الولد.

وقال عطية العوفي : هم بنو امرأة الرجل ليسوا منه.

قوله: ورزقكم من الطيبات قال ابن عباس : يريد من أنواع الثمار والحبوب والحيوان.

أفبالباطل يؤمنون قال: يعني الأصنام.

وقال مقاتل : يعني الشيطان.

وقال عطاء : يصدقون أن لي شريكا وصاحبة وولدا.

وبنعمت الله هم يكفرون قال ابن عباس : يعني التوحيد، وما أنعم عليهم من القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.

وقوله: ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات يعني الأصنام لا تملك أن ترزقهم من السماوات المطر، ولا من الأرض النبات والثمار التي تخرج منها، وقوله: شيئا قال الأخفش : جعل شيئا بدلا من الرزق.

وهو في معنى: لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا، ولا يستطيعون لا يقدرون على شيء، وليست لهم استطاعة.

فلا تضربوا لله الأمثال أي ولا تشبهوه بخلقه لأنه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، إن الله يعلم قال ابن عباس : يعلم ما يكون قبل أن يكون، وما هو كائن إلى يوم القيامة.

وأنتم لا تعلمون قدر عظمتي، حيث أشركتم بي، وعجزتموني أن أبعث خلقي.

التالي السابق


الخدمات العلمية