قوله: ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا

ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل مفسر في سورة بني إسرائيل، وقوله: وكان الإنسان أكثر شيء جدلا قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد النضر بن الحارث وجداله في القرآن.

وقال nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي : يعني أبي بن خلف .

وقال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معناه كان الكافر يدل عليه قوله: ويجادل الذين كفروا بالباطل .

قوله: وما منع الناس يعني أهل مكة ، أن يؤمنوا أي الإيمان، إذ جاءهم الهدى محمد صلى الله عليه وسلم جاءهم من الله تعالى بالرشاد والبيان، ويستغفروا ربهم عطف على أن يؤمنوا، إلا أن تأتيهم سنة الأولين وهو أنهم إذا لم يؤمنوا عذبوا ، يقول: لقد قدرت على هؤلاء العذاب، فذلك الذي يمنعهم عن الإيمان، وهذه الآية فيمن قتلوا من المشركين ببدر وأحد ، وهو قوله: أو يأتيهم العذاب قبلا أي: عيانا مقابلة، وقرأ أهل الكوفة قبلا جمع قبيل، أي: صنفا صنفا.

وقوله: ويجادل الذين كفروا بالباطل قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد المستهزئين والمقتسمين. وأتباعهم وجدالهم بالباطل أنهم ألزموه أن يأتي بالآيات على أهوائهم على ما كانوا يقترحون، ليدحضوا به الحق ليبطلوا به ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، يقال: دحضت [ ص: 155 ] حجته، أي بطلت، وأدحضت حجته إذا أبطلتها.

وقوله: واتخذوا آياتي يعني القرآن، وما أنذروا وما خوفوا به من النار والقيامة، هزوا مهزوا به.

قوله: ومن أظلم استفهام معناه التقرير، أي: لا أحد أظلم، ممن ذكر وعظ، بآيات ربه بالقرآن وما فيه من الوعيد، فأعرض عنها تهاونا بها، ونسي ما قدمت يداه يعني ما سلف من ذنوبه، وما بعد هذا مفسر في سورة الأنعام، وإن تدعهم إلى الهدى إلى الإيمان والقرآن، فلن يهتدوا إذا أبدا قال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أخبر الله تعالى أن هؤلاء أهل الطبع على قلوبهم.

وربك الغفور الغافر الساتر على عباده، ذو الرحمة حين لم يعاجلهم بالعقوبة، وهو قوله: لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد للبعث والحساب، لن يجدوا من دونه موئلا منجى وملجأ، قال: وأل يئل وألا، إذا نجا.

قوله: وتلك القرى أهلكناهم يعني أهلها، ولذلك قال: أهلكناهم قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد ما أهلك بالشام واليمن .

لما ظلموا أشركوا، وكذبوا الأنبياء، وجعلنا لمهلكهم يجوز أن يكون المهلك هاهنا مصدرا، ويجوز أن يكون وقتا، والمعنى: جعلنا لإهلاكهم، أو لوقت إهلاكهم، ومن قرأ لمهلكهم بفتح الميم وكسر اللام كان المعنى لوقت هلاكهم، ومن قرأ بفتحها، فهو مصدر مثل الهلاك، وقوله: موعدا أي: وقتا وأجلا.