صفحة جزء
والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم

والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم الآيات، فأقامه النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر عن يمين النجم فقال: يا هلال، أنت الشاهد أنك رأيتها تزني.

فقال: أشهد بالله لقد رأيته على بطنها يزني بها وإني لمن الصادقين، أشهد بالله ما برئت منه ولا برئ منها وإني لمن الصادقين، أشهد بالله ما قربتها منذ أربعة أشهر وإن حملها هذا الذي في بطنها من شريك بن سحماء وإني من الصادقين، والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين .

فقال القوم: آمين.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا خولة، ويحك إن كنت ألممت بذنب فأقري به، فإن الرجم بالحجارة في الدنيا أيسر عليك من غضب الله في الآخرة، وإن غضبه عذاب.

فقالت: يا رسول الله، كذب.

فأقامها مقامه، فقالت: أشهد بالله ما أنا بزانية وإنه لمن الكاذبين، ما رآه على بطني يزني بي وإنه لمن الكاذبين، أشهد بالله لقد برئت من الزنا وبرئ شريك بن سحماء مني وإنه لمن الكاذبين، أشهد بالله لقد قربني منذ أربعة أشهر، وإن ما في بطني من هلال بن أمية وإنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين .

ثم فرق بينهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا يجتمعان أبدا إلى أن تقوم الساعة.


فمعنى قوله: والذين يرمون أي الزنا، ولم يكن لهم شهداء يشهدون على صحة ما قالوا، إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات ويقرأ أربع بالنصب - فقال الزجاج: من قرأ - بالرفع - فعلى خبر الابتداء، المعنى: فشهادة أحدهم التي تدرأ حد القاذف أربع، والدليل على هذا قوله: ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات ومن نصب فالمعنى: فعليهم أن يشهد أحدهم أربع [ ص: 307 ] شهادات.

قوله: والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين قال ابن عباس: وذلك أن الرجل يذكر أنه رأى مع امرأته رجلا أربع مرات، ثم يقول في الخامسة: اللهم العنه إن كان كذب عليها.

وقرأ نافع أن مخففة لعنة -بالرفع- قال سيبويه: لا تخفف في الكلام وبعدها الأسماء إلا وأنت تريد الثقيلة.

وقال الأخفش: لا أعلم الثقيلة إلا أجود في العربية، لأنك إذا خففت فالأصل الثقيلة، فتخفف وتضمر الشأن، فأن تجيء بالأصل ولا تحذف شيئا ولا تضمر أجود.

ويدرأ عنها العذاب أي: ويدفع عنها الحد أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما قذفني به، وتقول في الخامسة: علي غضب الله إن كان من الصادقين.

فذلك قوله: والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين وقرأ حفص والخامسة نصبا على المعنى، كأنه قال: وتشهد الخامسة.

ولولا فضل الله عليكم ورحمته أي: ستره ونعمته، لولا هاهنا محذوف الجواب، قال الزجاج: المعنى لولا فضل الله لنال الكاذب منها عذاب عظيم، أي: لبين الكاذب من الزوجين فيقام عليه الحد، وأن الله تواب يعود على من رجع عن معاصي الله إلى ما يجب بالرحمة، حكيم فيما فرض من الحدود.

التالي السابق


الخدمات العلمية