صفحة جزء
وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين

فلما شهدت عليهم الجوارح ، وقالوا لجلودهم ، قالت الألسن للجوارح : لم شهدتم علينا ، يعني الجوارح ، قالوا : أبعدكم الله ، إنما كنا نجاحش عنكم ، فلم شهدتم علينا بالشرك ، ولم تكونوا تتكلمون في الدنيا ، قالوا ، قالت الجوارح للألسن : أنطقنا الله اليوم ، الذي أنطق كل شيء من الدواب وغيرها ، وهو خلقكم أول مرة ، يعني هو أنطقكم أول مرة من قبلها في الدنيا ، قبل أن ننطق نحن اليوم ، وإليه ترجعون ، يقول : إلى الله تردون في الآخرة ، فيجزيكم بأعمالكم ، في التقديم.

وذلك أن هؤلاء النفر الثلاثة كانوا في ظل الكعبة يتكلمون ، فقال أحدهم : هل يعلم الله ما نقول ؟ فقال الثاني : إن خفضنا لم يعلم ، وإن رفعنا علمه ، فقال الثالث : إن كان الله يسمع إذا رفعنا ، فإنه يسمع إذا خفضنا ، فسمع قولهم عبد الله بن مسعود ، فأخبر بقولهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله في قولهم : وما كنتم تستترون ، يعني تستيقنون ، وقالوا : تستكتمون ، أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم ، يعني حسبتم ، أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ، يعني هؤلاء الثلاثة ، قول بعضهم لبعض : هل يعلم الله ما نقول ؟ لقول الأول والثاني والثالث ، يقول : حسبتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون .

وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ، يقول : يقينكم الذي أيقنتم بربكم ، وعلمكم بالله بأن الجوارح لا تشهد عليكم ، ولا تنطق ، وأن الله لا يخزيكم بأعمالكم الخبيثة ، أرداكم ، يعني أهلككم سوء الظن ، فأصبحتم من الخاسرين بظنكم السيئ ، كقوله لموسى : فتردى ، يقول : فتهلك ، فأصبحتم من الخاسرين ، يعني من أهل النار.

فإن يصبروا على النار ، فالنار مثوى لهم ، يعني فالنار مأواهم ، [ ص: 165 ] وإن يستعتبوا في الآخرة فما هم من المعتبين ، يقول : وإن يستقيلوا ربهم في الآخرة ، فما هم من المقالين ، لا يقبل ذلك منهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية