صفحة جزء
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد

قوله : ولو جعلناه قرآنا أعجميا ، وذلك أن كفار قريش كانوا إذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على يسار أبي فكيهة اليهودي ، فأخذه سيده فضربه ، وقال له : إنك تعلم محمدا صلى الله عليه وسلم ، فقال يسار : بل هو يعلمني ، فأنزل الله عز وجل : ولو جعلناه قرآنا أعجميا ، يقول : بلسان العجم ، لقالوا ، لقال كفار مكة : لولا فصلت ، يقول : هلا بينت آياته بالعربية حتى نفقه ونعلم ما يقول محمد ، أأعجمي ، ولقالوا : إن القرآن أعجمي أنزل على محمد ، "و" وهو وعربي قل نزله الله عربيا لكي يفقهوه ، ولا يكون لهم علة ، يقول الله تعالى : هو للذين آمنوا هدى من الضلالة ، وشفاء لما في القلوب للذي فيه من التبيان ، ثم قال : والذين لا يؤمنون بالآخرة ، يعني لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، في آذانهم وقر ، يعني ثقل ، فلا يسمعون الإيمان بالقرآن ، وهو عليهم عمى ، يعني عموا عنه ، يعني القرآن ، فلم يبصروه ولم يفقهوه ، أولئك ينادون من مكان بعيد إلى الإيمان بأنه غير كائن؛ لأنهم صم عنه ، وعمي ، وفي آذانهم وقر.

قوله : ولقد آتينا موسى الكتاب ، يقول : أعطينا موسى التوراة ، فاختلف فيه ، يقول : فكفر به بعضهم ، ولولا كلمة سبقت من ربك ، وهي كلمة الفصل بتأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى ، يعني يوم القيامة ، يقول : لولا ذلك الأجل ، لقضي ، يعني بين الذين آمنوا وبين الذين اختلفوا وكفروا بالكتاب ، لولا ذلك الأجل ، لنزل بهم العذاب في الدنيا ، بينهم وإنهم لفي شك منه ، يعني من الكتاب ، مريب ، يعني أنهم لا يعرفون شكهم.

[ ص: 170 ] ثم قال : من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء العمل ، فعليها ، يقول : إساءته على نفسه ، وما ربك بظلام للعبيد . إليه يرد علم الساعة ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرنا عن الساعة ، فإن كنت رسولا كما زعمت علمتها ، وإلا علمنا أنك لست برسول ، ولا نصدقك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يعلمها إلا الله ، أرد علمها إلى الله" ، فقال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم : فإن كنت رددت علمها ، يعني علم الساعة إلى الله ، فإن الملائكة والخلق كلهم ردوا علم الساعة ، يعني القيامة ، إلى الله عز وجل ، "و" يعلم وما تخرج من ثمرات من أكمامها ، يعني من أجوافهما ، يعني الطلع ، "و" يعلم وما تحمل من أنثى ذكرا أو أنثى ، سويا وغير سوي ، يقول : ولا تضع إلا بعلمه ، يقول : لا تحمل المرأة الولد ، ولا تضعه إلا بعلمه ، ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ، يقول : أسمعناك ، كقوله : وأذنت لربها ، يقول : سمعت لربها ، ما منا من شهيد يشهد بأن لك شريكا ، فتبرءوا يومئذ من أن يكون مع الله شريك.

التالي السابق


الخدمات العلمية