صفحة جزء
والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب

[ ص: 176 ] والذين يحاجون ، يعني يخاصمون ، في الله ، فهم اليهود ، قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فقالوا للمسلمين : ديننا أفضل من دينكم ، ونبينا أفضل من نبيكم ، يقول : من بعد ما استجيب له ، يعني لله في الإيمان ، حجتهم داحضة ، يقول : خصومتهم باطلة حين زعموا أن دينهم أفضل من دين الإسلام ، عند ربهم وعليهم غضب من الله ، ولهم عذاب شديد . الله الذي أنزل الكتاب بالحق ، يقول : لم ينزله باطلا لغير شيء ، والميزان ، يعني العدل ، وما يدريك يا محمد ، لعل الساعة قريب ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الساعة وعنده أبو فاطمة بن البحتري ، وفرقد بن ثمامة ، وصفوان بن أمية ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : متى تكون الساعة ؟ تكذيبا بها ، فقال الله تعالى : وما يدريك لعل الساعة ، يعني القيامة ، قريب .

يستعجل بها بالساعة ، الذين لا يؤمنون بها ، يعني لا يصدقون بها ، هؤلاء الثلاثة نفر ، أنها كائنة؛ لأنهم لا يخافون ما فيها ، والذين آمنوا مشفقون منها ، يعني بلالا وأصحابه ، صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم بها ، يعني بالساعة؛ لأنهم لا يدرون على ما يهجمون منها ، ويعلمون أنها الحق الساعة أنها كائنة ، ثم ذكر الذين لا يؤمنون بالساعة ، فقال : ألا إن الذين يمارون في الساعة ، يعني هؤلاء الثلاثة ، يعني يشكون في القيامة ، لفي ضلال بعيد ، يعني طويل.

الله لطيف بعباده ، البر منهم والفاجر ، لا يهلكهم جوعا حين قال : إنا كاشفو العذاب قليلا ، يرزق من يشاء وهو القوي في هلاكهم ببدر ، العزيز في نقمته منهم.

من كان يريد بعمله الحسن ، حرث الآخرة ، يقول : من كان من الأبرار يريد بعمله الحسن ثواب الآخرة ، نزد له في حرثه ، يعني بلالا وأصحابه حتى يضاعف له في حرثه ، يقول : في عمله ، ومن كان من الفجار ، يريد بعمله حرث الدنيا ، يعني ثواب الدنيا ، نؤته منها وما له في الآخرة ، يعني الجنة لهؤلاء الثلاثة ، من نصيب ، يعني من حظ ، ثم نسختها : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد .

التالي السابق


الخدمات العلمية