فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون فجعلناهم سلفا ، يعني مضوا في العذاب ،
ومثلا للآخرين ، يعني عبرة لمن بعدهم.
قوله :
ولما ضرب ابن مريم مثلا ، والمثل حين زعموا أن الملائكة بنات الله ، وذلك
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، وفي المسجد العاص بن وائل السهمي ، والحارث ، وعدي ابنا قيس ، كلهم من قريش ، من بني سهم ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ، إلى آيتين ، ثم خرج إلى باب الصفا ، فخاض المشركون في ذلك ، فدخل عبد الله بن الزبعرى السهمي ، فقال : تخوضون في ذكر الآلهة ، فذكروا له ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم ولآلهتهم ، فقال عبد الله بن الزبعرى : يا محمد ، أخاصة لنا ولآلهتنا ، أم لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم وآلهتهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بل هي لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم".
[ ص: 194 ] فقال عبد الله : خصمتك ورب الكعبة ، ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي ، وتثني عليه وعلى أمه خيرا ، وقد علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزير يعبد ، والملائكة تعبد ، فإن كان هؤلاء في النار ، فقد رضينا أن نكون معهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا" ، فقال عبد الله : أليس قد زعمت أنها لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم وآلهتهم ؟ خصمتك ورب الكعبة ، فضجوا من ذلك ، فأنزل الله تعالى : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ، يعني الملائكة ، وعزيرا ، وعيسى ، ومريم ، أولئك عنها مبعدون ، وأنزل :
ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ، يعني يضجون تعجبا لذكر
عيسى ، عليه السلام ،
عبد الله بن الزبعرى وأصحابه هم هؤلاء النفر.
وقالوا أآلهتنا خير أم هو ، يعني
عيسى ، وقالوا : ليس آلهتنا إن عذبت خيرا من
عيسى بأنه يعبد ، يقول الله تعالى : بل هو
ما ضربوه لك إلا جدلا ، يقول : ما ذكروا لك
عيسى إلا ليجادلوك به ،
بل هم قوم خصمون .
إن هو إلا عبد ، يعني
عيسى ، عليه السلام ، يقول : ما هو إلا عبد ،
أنعمنا عليه بالنبوة ،
وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ، يقول الله تعالى : حين ولد من غير أب ، يعني آية وعبرة ليعتبروا.
قوله :
ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون مكانكم ، فكانوا خلفا منكم.