صفحة جزء
الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين

[ ص: 102 ] الشهر الحرام بالشهر الحرام ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ساروا إلى مكة محرمين بعمرة، ومن كان معه عام الحديبية، لست سنين من هجرته إلى المدينة، فصدهم مشركو مكة، وأهدى أربعين بدنة، ويقال: مائة بدنة، فردوه وحبسوه شهرين لا يصل إلى البيت، وكانت بيعة الرضوان عامئذ، فصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن ينحر الهدي مكانه في أرض الحرم ويرجع فلا يدخل مكة، فإذا كان العام المقبل خرجت قريش من مكة، وأخلوا له مكة ثلاثة أيام، ليس مع المسلمين سلاح إلا في غمده، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم توجه من فوره ذلك إلى خيبر، فافتتحها في المحرم، ثم رجع إلى المدينة، فلما كان العام المقبل، وأحرم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعمرة في ذي القعدة وأهدوا.

ثم أقبلوا من المدينة، فأخلى لهم المشركون مكة ثلاثة أيام، وأدخلهم الله عز وجل مكة، فقضوا عمرتهم ونحروا البدن، فأنزل الله عز وجل: الشهر الحرام الذي دخلتم فيه مكة هذا العام بالشهر الحرام ، يعني الذي صدوكم فيه العام الأول، والحرمات قصاص ، يعني اقتصصت لك منهم في الشهر الحرام، يعني في ذي القعدة كما صدوكم في الشهر الحرام، وذلك أنهم فرحوا وافتخروا حين صدوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام، فأدخله الله عز وجل من قابل، ثم قال سبحانه: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه ، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أهلوا إلى مكة محرمين بعمرة، فخافوا ألا يفي لهم المشركون بدخول المسجد الحرام، وأن يقاتلوهم عنده، فأنزل الله عز وجل: فمن اعتدى عليكم فقاتلكم في الحرم، فاعتدوا عليه ، يقول: فقاتلوهم فيه، بمثل ما اعتدى عليكم فيه، واتقوا الله ، يعني المؤمنين، ولا تبدءوهم بالقتال في الحرم، فإن بدأ المشركون فقاتلوهم، واعلموا أن الله في النصر مع المتقين ، الشرك، فخبرهم أنه ناصرهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية