صفحة جزء
[ ص: 302 ] إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون

ثم أخبر الله عن التوراة، فقال سبحانه: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور وضياء من الظلمة، يحكم بها النبيون من لدن موسى، عليه السلام، إلى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ألف نبي، الذين أسلموا ، يعني أنهم مسلمون، أو أسلموا وجوههم لله، للذين هادوا ، يعني اليهود يحكمون بما لهم وما عليهم، "و" يحكم بها والربانيون ، وهم المتعبدون من أهل التوراة من ولد هارون، يحكمون بالتوراة، والأحبار ، يعني القراء والعلماء منهم، بما استحفظوا من كتاب الله عز وجل من الرجم، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم، ثم قال يهود المدينة، كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك بن الضيف ، وأصحابهم، وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس ، يقول: لا تخشوا يهود خيبر أن تخبروهم بالرجم، ونعت محمد صلى الله عليه وسلم، واخشون إن كتمتموه، ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا عرضا يسيرا مما كانوا يصيبون من سفلة اليهود من الطعام والثمار، ومن لم يحكم بما أنزل الله في التوراة بالرجم ونعت محمد صلى الله عليه وسلم، ويشهد به، فأولئك هم الكافرون .

ولما أرادوا القيام، قالت بنو قريظة، أبو لبابة ، وشعبة بن عمرو ، ورافع بن حريملة ، وشاس بن عمرو ، للنبي صلى الله عليه وسلم: إخواننا بنو النضير، كعب بن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، ومالك بن الضيف ، وغيرهم، أبونا واحد، وديننا واحد، إذا قتل أهل النضير منا قتيلا، أعطونا سبعين وسقا من تمر، وإن قتلنا منهم قتيلا، أخذوا منا مائة وأربعين وسقا من تمر، وجراحاتنا على أنصاف جراحاتهم، فاقض بيننا وبينهم يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن دم القرظي وفاء من دم النضيري، وليس للنضيري على القرظي فضل في الدم ولا في العقل "، قال كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وكعب بن أسيد ، وأصحابهم: لا نرضى بقضائك، ولا نطيع أمرك، ولنأخذن بالأمر الأول، فإنك عدونا، وما تأول أن تضعنا وتضرنا.

[ ص: 303 ] وفي ذلك يقول الله تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ، يعني حكمهم الأول، ومن أحسن من الله حكما ، يقول: فلا أحد أحسن من الله حكما، لقوم يوقنون . وعد الله عز وجل ووعيده، ثم أخبر عن التوراة، فقال سبحانه: وكتبنا عليهم فيها ، يعني وفرضنا عليهم في التوراة، نظيرها في المجادلة: كتب الله ، يعني قضى، أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ، يقول: فمن تصدق بالقتل والجراحات، فهو كفارة لذنبه، يقول: إن عفى المجروح عن الجارح، فهو كفارة للجارح من الجرح، ليس عليه قود ولا دية، ومن لم يحكم بما أنزل الله في التوراة من أمر الرجم والقتل والجراحات، فأولئك هم الظالمون .

ثم أخبر عن أهل الإنجيل، فقال: وقفينا على آثارهم ، يعني وبعثنا من بعدهم، يعني من بعد أهل التوراة، بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة ، يقول: عيسى يصدق بالتوراة، وآتيناه الإنجيل ، يعني أعطينا عيسى الإنجيل، فيه هدى من الضلالة، ونور من الظلمة، ومصدقا لما بين يديه من التوراة ، يقول: الإنجيل يصدق التوراة، "و" الإنجيل وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل، للمتقين الشرك.

ثم قال عز وجل: وليحكم أهل الإنجيل من الأحبار والرهبان، بما أنزل الله فيه ، يعني في الإنجيل من العفو عن القاتل أو الجارح والضارب، ومن لم يحكم بما أنزل الله في الإنجيل من العفو واقتص من القاتل والجارح والضارب، فأولئك هم الفاسقون ، يعني العاصين لله عز وجل.

التالي السابق


الخدمات العلمية