وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون [ ص: 359 ] وما قدروا الله حق قدره ، يعني ما عظموا الله حق عظمته،
إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، يقول: على رسول من كتاب، فما عظموه حين كذبوا بأنه لم ينزل كتابا على الرسل،
نزلت في مالك بن الضيف اليهودي حين خاصمه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكتوب في التوراة، فغضب مالك ، فقال: ما أنزل الله على أحد كتابا ربانيا في اليهود، فعزلته اليهود عن الربانية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا ، يعني ضياء من الظلمة،
وهدى للناس من الضلالة،
تجعلونه قراطيس ، يعني صحفا ليس فيها شيء،
تبدونها تعلنونها،
وتخفون ، يعني وتسرون،
كثيرا ، فكان مما أخفوا أمر
محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر الرجم في التوراة،
وعلمتم في التوراة
ما لم تعلموا أنتم ولا ولم يعلمه
آباؤكم ، ثم قال في التقديم:
قل الله أنزل على
موسى، عليه السلام،
ثم ذرهم ، يعني خل عنهم إن لم يصدقوك،
في خوضهم يلعبون ، في باطلهم يلهون، يعني اليهود، نزلت هذه الآية بالمدينة، ثم إن
مالك بن الضيف تاب من قوله، فلم يقبلوا منه، وجعلوا مكانه رجلا في الربانية.
وهذا كتاب أنزلناه على
محمد صلى الله عليه وسلم،
مبارك لمن عمل به، وهو
مصدق الذي بين يديه ، يقول: يصدق لما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء،
ولتنذر أم القرى ، يعني لكي تنذر بالقرآن أصل القرى، يعني
مكة ; وإنما سميت
أم القرى ; لأن الأرض كلها دحيت من تحت
الكعبة، " و" تنذر بالقرآن
ومن حولها ، يعني حول
الكعبة، يعني قرى الأرض كلها،
والذين يؤمنون بالآخرة ، يعني يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال،
يؤمنون به ، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل، ثم نعتهم، فقال:
وهم على صلاتهم يحافظون عليها في مواقيتها لا يتركونها.
ومن أظلم ، هذه الآية مدنية، فلا أحد أظلم
[ ص: 360 ] ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ، نزلت في
مسيلمة بن حبيب الكذاب الحنفي، حيث زعم أن الله أوحى إليه النبوة،
nindex.php?page=hadith&LINKID=938299وكان مسيلمة أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسولين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: " أتشهدان أن مسيلمة نبي؟ "، قالا: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما "، ثم قال:
ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ، فلا أحد أيضا أظلم منه، نزلت في
عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي ، من
بني عامر بن لؤي، وكان أخا
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان من الرضاعة، كان يتكلم بالإسلام، وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم يوما سورة النساء، فإذا أملى عليه النبي صلى الله عليه وسلم:
غفورا رحيما كتب
عليما حكيما ، وإذا أملى عليه:
سميعا بصيرا كتب
سميعا عليما ، فقال لقوم من المنافقين: كتبت غير الذي أملى علي، وهو ينظر إليه فلم يغيره، فشك
عبد الله بن سعد في إيمانه، فلحق
بمكة كافرا، فقال لهم: لئن كان
محمد صادقا فيما يقول، لقد أنزل علي كما أنزل عليه، ولئن كان كاذبا، لقد قلت كما قال، وإنما شك لسكوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه، فلم يغير ذلك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب.
ثم قال:
ولو ترى إذ الظالمون ، يعني مشركي
مكة، في غمرات الموت يعني في سكرات الموت، إذ قتلوا
ببدر، والملائكة باسطو أيديهم عند الموت تضرب الوجوه والأدبار، يعني ملك الموت وحده، وهو يقول:
أخرجوا أنفسكم ، يعني أرواحكم، منهم:
أبو جهل ،
وعتبة بن ربيعة ،
وشيبة ،
والوليد بن عتبة ،
وأمية بن خلف ،
وعقبة بن أبي معيط ،
والنضر بن الحارث ،
وأبو قيس بن الفاكه ،
والوليد بن المغيرة ، وقريبا من سبعين قتيلا، فلما بعثوا في الآخرة، وصاروا في النار، قالت لهم خزنة جهنم:
اليوم تجزون عذاب الهون ، يعني الهوان بغير رأفة ولا رحمة، نظيرها في الأنفال،
بما كنتم تقولون على الله في الدنيا
غير الحق بأن معه شريكا،
وكنتم عن آياته تستكبرون ، يعني وكنتم تتكبرون عن الإيمان بالقرآن.
ولقد جئتمونا في الآخرة
فرادى ، ليس معكم من الدنيا شيء،
كما خلقناكم أول مرة حين ولدوا وليس لهم شيء،
وتركتم ما خولناكم في الدنيا
وراء ظهوركم ، يعني ما أعطيناكم من الخير من بعدكم في الدنيا،
وما نرى معكم شفعاءكم من الملائكة
الذين زعمتم في الدنيا
أنهم فيكم شركاء ، يعني أنهم لكم شفعاء عند الله، لقولهم في
يونس: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ،
[ ص: 361 ] يعني الملائكة، ثم قال:
لقد تقطع بينكم وبين شركائكم، يعني من الملائكة من المودة والتواصل،
وضل عنكم في الآخرة
ما كنتم تزعمون في الدنيا بأن مع الله شريكا.