ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين
ثم أخبر عما علمه فيهم، فقال:
ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة ، وأخبروهم أن
محمدا رسول كما سألوا، لقولهم في الفرقان:
لولا أنزل علينا الملائكة ، يعني المستهزئين من
قريش، أبا جهل وأصحابه، ثم قال:
وكلمهم الموتى ، لقولهم: ابعث لنا، رجلين أو ثلاثة من آبائنا، فنسألهم عما أمامهم مما تحدثنا أنه يكون بعد الموت أحق هو؟ ثم قال:
وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ، يعني عيانا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568أبو محمد: ومن قرأه: " قبلا " أراد قبيلا قبيلا، رواه عن
ثعلب ، فعاينوه كله، فلو فعلت هذا كله، فأخبروهم بأن الذي يقول
محمد حق،
ما كانوا ليؤمنوا ، يعني ليصدقوا،
[ ص: 366 ] إلا أن يشاء الله لهم الإيمان،
ولكن أكثرهم أكثر
أهل مكة يجهلون .
ثم قال:
وكذلك ، يعني وهكذا،
جعلنا لكل نبي عدوا من قومه، يعني
أبا جهل عدوا للنبي صلى الله عليه وسلم، كقولهم في الفرقان:
وقالوا مال هذا الرسول إلى آخر الآية، قوله:
شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض ، وذلك أن إبليس وكل شياطين بالإنس يضلونهم، ووكل شياطين بالجن يضلونهم، فإذا التقى شيطان الإنس مع شيطان الجن، قال أحدهما لصاحبه: إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلل أنت صاحبك بكذا وكذا، فذلك قوله:
يوحي بعضهم إلى بعض ، يقول: يزين بعضهم
زخرف القول غرورا ، يقول: ذلك التزيين بالقول باطل، يغرون به الإنس والجن، ثم قال:
ولو شاء ربك ما فعلوه ، يقول: لو شاء الله لمنعهم عن ذلك، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
فذرهم ، يعني خل عنهم، يعني كفار
مكة، وما يفترون من الكذب.
ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ، يعني ولتميل إلى ذلك الزخرف والغرور قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، يعني الذين لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال،
وليرضوه ، يعني وليحبوه،
وليقترفوا ما هم مقترفون ، يعني ليعملوا من المعاصي ما هم عاملون.
أفغير الله أبتغي حكما ، فليس أحد أحسن قضاء من الله في نزول العذاب
ببدر، وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ، يعني القرآن حلاله وحرامه، وكل شيء مفصلا، يعني مبينا فيه أمره ونهيه،
والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين .