صفحة جزء
قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين

[ ص: 374 ] ثم عابهم بقتل أولادهم وتحريم الحرث والأنعام، فقال: قد خسر في الآخرة، الذين قتلوا أولادهم ، يعني دفن البنات أحياء، سفها ، يعني جهلا، بغير علم وحرموا ما رزقهم الله من الحرث والأنعام، افتراء على الله الكذب حين زعموا أن الله أمرهم بهذا، يعني بتحريمه، يقول الله: قد ضلوا عن الهدى، وما كانوا مهتدين ، وكانت ربيعة ومضر يدفنون البنات وهن أحياء، غير بني كنانة، كانوا لا يفعلون ذلك.

قوله: وهو الذي أنشأ جنات معروشات ، يعني الكروم وما يعرش، وغير معروشات ، يعني قائمة على أصولها، والنخل والزرع مختلفا أكله ، يعني طعمه، منه الجيد، ومنه الدون، ثم قال: والزيتون والرمان متشابها ، ورقها في النظير يشبه ورق الزيتون ورق الرمان، وغير متشابه ثمرها وطعمها، وهما متشابهان في اللون، مختلفان في الطعم، يقول الله: كلوا من ثمره إذا أثمر ، حين يكون غضا، ثم قال: وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ، يقول: ولا تشركوا الآلهة في تحريم الحرث والأنعام.

ومن الأنعام حمولة ، يعني الإبل والبقر، وفرشا ، والفرش الغنم الصغار مما لا يحمل عليها، كلوا مما رزقكم الله من الأنعام والحرث حلالا طيبا، ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، يعني تزيين الشيطان فتحرمونه، إنه لكم عدو مبين ، كلم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك عوف بن مالك الجشمي، يكنى أبا الأحوص.

[ ص: 375 ] ثم قال: أنزل ثمانية أزواج قبل خلق آدم، عليه السلام، من الضأن اثنين ، يعني ذكرا وأنثى، ومن المعز اثنين ، ذكرا وأنثى، قل يا محمد لمن حرم ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى، ونسب ذلك إلى الله: آلذكرين من الضأن والمعز حرم الله عليكم؟ أم الأنثيين منهما؟ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ؟ ذكرا كان أو أنثى؟ نبئوني بعلم عن كيفية تحريم ذلك، إن كنتم صادقين فيه. المعنى من أين جاء التحريم، فإن كان من قبل الذكورة فجميع الذكور حرام، أو الأنوثة، فجميع الإناث، أو اشتمال الرحم فالزوجان، فمن أين التخصيص؟ والاستفهام للاستنكار.

ومن الإبل اثنين ذكرا وأنثى، ومن البقر اثنين ذكرا وأنثى، قل يا محمد آلذكرين حرم أم الأنثيين ، يعني من أين تحريم الأنعام من قبل الذكرين أم قبل الأنثيين؟ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، يقول: على ما اشتمل، ما يشتمل الرحم إلا ذكرا أو أنثى، فأين هذا الذي جاء التحريم من قبله، وما اشتمل الرحم إلا على مثلها.

يقول: ما تلد الغنم إلا الغنم، وما تلد الناقة إلا مثلها، يعني أن الغنم لا تلد البقر، ولا البقر تلد الغنم، فإن قالوا: حرم الأنثيين، خصوا ولم يجز لهم أن يأكلوا الإناث من الأنعام، وإن قالوا: الذكرين، لم يجز لهم أن يأكلوا ذكور الأنعام، فسكتوا، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: نبئوني بعلم إن كنتم صادقين بأن الله حرم هذا، ثم قال: أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا التحريم، فسكتوا فلم يجيبوه، إلا أنهم قالوا: حرمها آباؤنا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " فمن أين حرمه آباؤكم؟ "، قالوا: الله أمرهم بتحريمه، فأنزل الله: فمن أظلم ، يقول: فلا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية