صفحة جزء
وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين

[ ص: 404 ] وما أرسلنا في قرية من نبي فكذبوه، إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء ، يعني قحط المطر، فأصابهم البؤس، وهو الشدة، والضر يعني البلاء، لعلهم ، يعني لكي، يضرعون إلى ربهم فيوحدونه فيرحمهم.

ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة ، يقول: حولنا مكان الشدة الرخاء، حتى عفوا ، يقول: حموا وسمنوا، فلم يشكروا ربهم، فقالوا من غيرتهم وجهلهم: وقالوا قد مس آباءنا ، يعني أصاب آباءنا، الضراء والسراء ، يعني الشدة والرخاء مثل ما أصابنا، فلم يك شيئا، يقول: فأخذناهم بالعذاب بغتة ، فجأة، وهم لا يشعرون أعز ما كانوا حتى ينزل بهم، وقد أنذرتهم رسلهم العذاب من قبل أن ينزل بهم، فذلك قوله: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ، بالشرك، وأهلها غافلون .

ثم أخبر عنهم، فقال: ولو أن أهل القرى التي عذبت، آمنوا بتوحيد الله، واتقوا الشرك ما قحط عليهم المطر، و لفتحنا عليهم بركات من السماء ، يعني المطر، والأرض ، يعني النبات، ولكن كذبوا فأخذناهم بالعذاب، بما كانوا يكسبون من الشرك والتكذيب.

أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى ، يعني عذابنا نهارا، وهم نائمون .

أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا ، يعني عذابنا ليلا، وهم يلعبون ، يعني لاهون عنه، نظيرها في وأن يحشر الناس ضحى ، يعني نهارا.

أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله ، يعني عذاب الله، إلا القوم الخاسرون .

أولم يهد للذين يرثون الأرض ، يعني ورثوا الأرض، من بعد هلاك أهلها أن لو نشاء أصبناهم بعذاب، بذنوبهم يخوف كفار مكة، ونطبع على قلوبهم [ ص: 405 ] بالكفر فهم لا يسمعون بالإيمان.

ثم رجع إلى القرى الخالية التي عذبت، فقال: تلك القرى نقص عليك من أنبائها ، يعني حديثها، ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ، يعني بيان العذاب، فإنه نازل بهم في الدنيا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر كفار مكة أن العذاب نازل بهم، فكذبوه بالعذاب، فأنزل الله: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ، يقول: فما كان كفار مكة ليؤمنوا، يعني ليصدقوا أن العذاب نازل بهم في الدنيا بما كذبت به أوائلهم من الأمم الخالية من قبل كفار مكة حين أنذرتهم رسلهم العذاب، يقول الله: كذلك يطبع الله ، يعني هكذا يختم الله بالكفر على قلوب الكافرين .

وما وجدنا لأكثرهم من عهد ، وذلك أن الله أخذ ميثاق ذرية آدم على المعرفة، فأقروا بذلك، فلما بلغوا العمل نقضوا العهد، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين .

التالي السابق


الخدمات العلمية