صفحة جزء
وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون

وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك ، فصارت حية، فإذا هي تلقف ، يعني تلقم، ما يأفكون ، يعني ما جاءوا به من الكذب.

فوقع الحق ، يعني فظهر الحق بأنه ليس بسحر، وبطل ما كانوا يعملون ، يعني بطل ما كانوا يعملون من السحر.

فغلبوا هنالك ، يعني عند ذلك، وانقلبوا صاغرين ، يعني فرجعوا إلى منازلهم مذلين [ ص: 408 ] وألقي السحرة ساجدين لله.

قالوا آمنا برب العالمين ، قال السحرة: آمنا بـ رب موسى وهارون ، فبهت فرعون لردهم عليه.

و قال فرعون للسحرة، آمنتم به ، يعني صدقتم بموسى، قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة ، يقول: إن هذا الإيمان لقول قلتموه في المدينة، يعني في أهل مصر في متابعتكم إياه، وذلك أن موسى قال للساحر الأكبر، واسمه شمعون: أتؤمن لي إن غلبتك؟ قال: لآتين بسحر لا يغلبه سحرك، ولئن غلبتني لأؤمن لك، وفرعون ينظر، فمن ثم قال فرعون: لتخرجوا منها أهلها ، من أرض مصر، يعني موسى، وهارون، وشمعون رئيس السحرة، فسوف تعلمون فأوعدهم.

لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ، يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو الرجل اليمنى واليد اليسرى، ثم لأصلبنكم أجمعين .

فرد السحرة على فرعون، قالوا إنا إلى ربنا منقلبون ، يعني راجعين.

وما تنقم ، يعني وما نقمت منا إلا أن آمنا بآيات ربنا ، يعني صدقنا باليد والعصا آيتان من ربنا، لما جاءتنا ، ثم قالوا: ربنا أفرغ علينا ، يعني ألق علينا صبرا عند القطع والصلب، وتوفنا مسلمين ، يعني مخلصين لله حتى لا يردنا البلاء عن ديننا، فصلبهم فرعون من يومه، فكانوا أول النهار سحرة كفارا، وآخر النهار شهداء مسلمين لما آمنت السحرة لموسى.

وقال الملأ ، يعني الأشراف من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ، بني إسرائيل قد آمنوا بموسى، ليفسدوا في الأرض ، يعني مصر، يعني بالفساد أن يقتل أبناءكم، ويستحيي نساءكم، يعني ويترك بناتكم كما فعلتم بقومه يفعله بكم، نظيرها في حم المؤمن، ويذرك وآلهتك ، يعني ويترك عبادتك، قال فرعون عند ذلك: سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم ، يعني بناتهم، وإنا فوقهم قاهرون [ ص: 409 ] ثم أمرهم أن يقتلوا أبناء الذين معه، ويستحيوا نساءهم، فمنعهم الله من قتل الأبناء حين أغرقهم في البحر، وكان فرعون قد كلفهم من العمل ما لم يطيقوا، فمر بهم موسى، عليه السلام، فـ قال لهم موسى لقومه في التقديم: استعينوا بالله على فرعون وقومه، واصبروا على البلاء، إن الأرض ، أرض مصر، لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة ، يعني الجنة للمتقين ، يعني للموحدين.

فـ قالوا أوذينا في سببك من قبل أن تأتينا الرسالة، يعنون الأذى قتل الأبناء وترك البنات، "و" أوذينا ومن بعد ما جئتنا بالرسالة، يعنون حين كلفهم فرعون من العمل ما لم يطيقوا مضارة باتباعهم موسى، عليه السلام، قال موسى: قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ، يعني فرعون وقومه، ويستخلفكم من بعد هلاكهم، في الأرض ، يعني أرض مصر، فينظر كيف تعملون ، فإنما قال لهم موسى، عليه السلام، ذلك من قول الله تعالى في القصص: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض إلى آيتين، ففعل الله ذلك بهم، فأهلك عدوهم واستخلفهم في الأرض، فاتخذوا العجل.

التالي السابق


الخدمات العلمية