صفحة جزء
وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود

[ ص: 121 ] وإلى عاد أرسلنا أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ، يعني وحدوا الله ما لكم من إله غيره ، يعني ليس لكم رب غيره، إن أنتم ، يعني ما أنتم إلا مفترون الكذب حين تقولون إن لله شريكا، وذلك أنهم قالوا لأنبيائهم: تريدون أن تملكوا علينا في أموالنا، فذلك قول الأنبياء لهم: يا قوم لا أسألكم عليه أجرا ، يعني ما جزائي إلا على الله.

وذلك قول قوم هود: يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري ، يعني ما جزائي إلا على الذي فطرني ، يعني خلقني، أفلا تعقلون أنه ليس مع الله شريك.

ويا قوم استغفروا ربكم من الشرك، ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ، يعني المطر متتابعا، وقد كان الله تعالى حبس عنهم المطر ثلاث سنين، وحبس عنهم الولد، فمن ثم قال: ويزدكم قوة إلى قوتكم ، يعني عددا إلى عددكم وتتوالدون وتكثرون، ثم قال لهم هود: ولا تتولوا مجرمين [ آية: 52 ]

، يقول: ولا تعرضوا عن التوحيد مشركين.

قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ، يعني ببيان أنك رسول إلينا من الله، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ، يعنون عبادة الأوثان، وما نحن لك بمؤمنين ، يعني بمصدقين بأنك رسول.

أن ، يعني ما نقول إلا اعتراك ، يعنون جنونا أصابك به، بعض آلهتنا بسوء ، يعنون أنه يعتريك من آلهتنا الأوثان بجنون أو بخبل، ولا نحب أن يصيبك أو [ ص: 122 ] يعتريك ذلك فاجتنبها سالما.

قال عبد الله : قال الفراء: الخبل مسكنة الباء العلة المانعة من الحركة المعطلة للبدن، والخبل: الجنون محركة الباء، فرد عليهم هود: قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون [ آية: 54 ].

من دونه من الآلهة، فكيدوني جميعا أنتم والآلهة، ثم لا تنظرون ، يعني ثم لا تناظرون، يعني لا تمهلون.

إني توكلت على الله ، يعني وثقت بالله، ربي وربكم حين خوفوه آلهتهم أنها تصيبه، ما من دابة ، يعني ما من شيء، إلا "و" هو آخذ بناصيتها ، يقول: إلا الله يميتها، إن ربي على صراط مستقيم ، يعني على الحق المستقيم.

فإن تولوا ، يعني فإن تعرضوا عن الإيمان، فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من نزول العذاب بكم في الدنيا، ويستخلف ربي بعد هلاككم قوما غيركم أمثل وأطوع لله منكم، ولا تضرونه شيئا يقول: ولا تنقصونه من ملكه شيئا، إنما تنقصون أنفسكم، إن ربي على كل شيء من أعمالكم حفيظ . ولما جاء أمرنا ، يعني قولنا في نزول العذاب، نجينا هودا والذين آمنوا معه من العذاب برحمة منا ، يعني بنعمة منا عليهم، ونجيناهم من عذاب غليظ ، يعني شديد، وهي الريح الباردة لم تفتر عنهم حتى أهلكتهم وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم ، يعني كفروا بعذاب الله بأنه غير نازل بهم في الدنيا، وعصوا رسله ، يعني هودا وحده، واتبعوا أمر كل جبار عنيد ، يعني متعظما عن التوحيد، فهم الأتباع، اتبعوا قول الكبراء في تكذيب هود، عنيد ، يعني معرضا عن الحق، وكان هذا القول من الكبراء للسفلة في سورة المؤمنين ما هذا ، يعني هودا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون من الشراب.

وقال للأتباع: ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ، يعني لعجزة، فهذا قول الكبراء للسفلة، فاتبعوهم على قولهم، وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ، يعني العذاب، وهي الريح التي أهلكتهم، ويوم القيامة ، يعني عذاب النار، [ ص: 123 ] ألا إن عادا كفروا ربهم ، يعني بتوحيد ربهم، ألا بعدا لعاد قوم هود في الهلاك.

التالي السابق


الخدمات العلمية