صفحة جزء
وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين

وأقم الصلاة ، يعني وأتم الصلاة، يعني ركوعها وسجودها، طرفي النهار ، يعني صلاة الغداة، وصلاة الأولى، والعصر، ثم قال: وزلفا من الليل ، يعني صلاة المغرب والعشاء، إن الحسنات ، يعني الصلوات الخمس يذهبن السيئات ، يعني يكفرن الذنوب ما اجتنبت الكبائر، نزلت في أبي مقبل، واسمه عامر بن قيس الأنصاري ، من بني النجار، أتته امرأة تشتري منه تمرا فراودها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني خلوت بامرأة، فما شيء يفعل بالمرأة إلا وفعلته بها، إلا أني لم أجامعها، فنزلت: وأقم الصلاة طرفي النهار إلى آخر الآية.

ثم عمد الرجل، فصلى المكتوبة وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: "أليس قد توضأت وصليت معنا؟ "، قال: بلى، قال: "فإنها كفارة لما صنعت"،
ثم قال: ذلك الذي ذكره من الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل من الصلاة، ذكرى للذاكرين ، كقوله لموسى: وأقم الصلاة لذكري . [ ص: 135 ] واصبر يا محمد على الصلاة، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ، يعني جزاء المخلصين.

فلولا كان ، يعني لم يكن من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد ، يعني الشرك، في الأرض ، يقول: لم يكن من القرون من ينهى عن المعاصي في الأرض بعد الشرك، ثم استثنى، فقال: إلا قليلا ممن أنجينا منهم يعني مع الرسل من العذاب مع الأنبياء، فهم الذين كانوا ينهون عن الفساد في الأرض، واتبع الذين ظلموا ، يقول: وآثر الذين ظلموا دنياهم، ما أترفوا فيه ، يعني ما أعطوا فيه من دنياهم على آخرتهم، وكانوا مجرمين ، يعني الأمم الذين كذبوا في الدنيا.

وما كان ربك ليهلك ، يعني ليعذب في الدنيا، القرى بظلم ، يعني على غير ذنب، يعني القرى التي ذكر الله تعالى في هذه السورة الذين عذبهم الله، وهم: قوم نوح، وعاد وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، ثم قال: وأهلها مصلحون ، يعني مؤمنون، يقول: لو كانوا مؤمنين ما عذبوا.

ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، يعني على ملة الإسلام وحدها، ثم قال: ولا يزالون مختلفين ، يقول: لا يزال أهل الأديان مختلفين في الدين، غير دين الإسلام.

ثم استثنى بعضهم: إلا من رحم ربك ، أهل التوحيد لا يختلفون في الدين، ولذلك خلقهم ، يعني للرحمة خلقهم، يعني الإسلام، وتمت ، يقول: وحقت كلمة ربك العذاب على المختلفين، والكلمة التي تمت قوله: لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ، يعني الفريقين جميعا.

التالي السابق


الخدمات العلمية