صفحة جزء
فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم

فلما دخلوا ، يعني يعقوب وأهله أرض مصر، على يوسف آوى ، يعني ضم إليه أبويه وقال لهم: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين من الخوف، فدخل منهم اثنان وسبعون إنسانا من ذكر وأنثى.

ورفع يوسف أبويه على العرش ، يعني على السرير، وجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وكانت أمه راحيل قد ماتت وخالته تحت يعقوب، عليه السلام، وهي التي رفعها على السرير، وخروا له سجدا ، أبوه وخالته وإخوته قبل أن يرفعهما على السرير في التقديم. قال أبو صالح: هذه سجدة التحية، لا سجدة العبادة، وقال يوسف: يا أبت هذا السجود تأويل ، يعني تحقيق رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ، يعني صدقا، وكان بين رؤيا يوسف وبين تصديقها أربعون سنة، وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ، كانوا أهل عمود مواش، من بعد أن نزغ ، يعني أزاغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء ، حين أخرجه من السجن ومن البئر، وجمع بينه وبين أهل بيته بعد التفريق، فنزع [ ص: 164 ] من قلبه نزغ الشيطان على إخوته بلطفه، إنه هو العليم الحكيم . مات يعقوب قبل يوسف بسنتين، ودفن يعقوب والعيص بن إسحاق في قبر واحد، وخرجا من بطن واحد، في ساعة واحدة، فلما جمع الله ليوسف شمله، فأقر بعينه، وهو مغموس في الملك والنعمة، اشتاق إلى الله وإلى آياته، فتمنى الموت.

التالي السابق


الخدمات العلمية