صفحة جزء
ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون

ولقد آتينا موسى الكتاب ، يقول: أعطينا موسى التوراة، وقفينا من بعده ، يقول: وأتبعنا من بعد موسى بالرسل إلى قومهم، وآتينا عيسى ابن مريم البينات ، يقول: وأعطينا عيسى ابن مريم العجائب التي كان يصنعها من خلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله، ثم قال سبحانه: وأيدناه بروح القدس ، يقول: وقوينا عيسى بجبريل، عليهما السلام، فقالت اليهود عند ذلك: فجئنا يا محمد بمثل ما جاء به موسى من الآيات كما تزعم، يقول الله عز وجل: أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم ، يعني اليهود، استكبرتم يعني تكبرتم عن الإيمان برسولي، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، ففريقا كذبتم ، يعني طائفة من الأنبياء كذبتم بهم، منهم عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وفريقا تقتلون ، يعني وطائفة قتلتموهم، منهم زكريا، ويحيى، والأنبياء أيضا، فعرفوا أن الذي قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم حق فسكتوا.

وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: قلوبنا غلف ، يعني في غطاء، ويعنون في أكنة عليها الغطاء، فلا تفهم ولا تفقه ما تقول يا محمد، كراهية لما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: " إنكم كذبتم فريقا من الأنبياء وفريقا قتلتم "، فإن كنت صادقا فأفهمنا ما تقول، يقول الله عز وجل: بل لعنهم الله بكفرهم فطبع على قلوبهم، فقليلا ما يؤمنون ، يعني بالقليل بأنهم لا يصدقون بأنه من الله، وكفروا بما سواه مما جاء به [ ص: 63 ] محمد صلى الله عليه وسلم ، فذلك قوله عز وجل في النساء: فلا يؤمنون إلا قليلا ، وإنما سمي اليهود من قبل يهوذا بن يعقوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية