صفحة جزء
وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار

[ ص: 189 ] وأدخل الذين آمنوا ، يعني صدقوا بتوحيد الله عز وجل، وعملوا الصالحات ، وأدوا الفرائض، جنات تجري من تحتها الأنهار ، يعني تجري العيون من تحت بساتينها، خالدين فيها لا يموتون، بإذن ربهم ، يعني بأمر ربهم ادخلوا الجنة، تحيتهم فيها سلام ، يقول: تسلم الملائكة عليهم في الجنة.

ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة ، يعني حسنة، يعني كلمة الإخلاص، وهي التوحيد، كشجرة طيبة ، يعني بالطيبة الحسنة، كما أنه ليس في الكلام شيء أحسن ولا أطيب من الإخلاص، قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فكذلك ليس في الثمار شيء أحلى ولا أطيب من الرطبة، وهي النخلة، أصلها ثابت في الأرض، وفرعها ، يعني رأسها، في السماء ، يقول: هكذا الإخلاص ينبت في قلب المؤمن، كما تنبت النخلة في الأرض، إذا تكلم بها المؤمن، فإنها تصعد إلى السماء، كما أن النخلة رأسها في السماء، كما أن النخلة لها فضل على الشجر في الطول، والطيب، والحلاوة، فكذلك كلمة الإخلاص لها فضل على سائر الكلام.

تؤتي أكلها كل حين ، يقول: إن النخلة تؤتي ثمرها كل ستة أشهر، بإذن ربها ، يعني بأمر ربها، فهكذا المؤمن يتكلم بالتوحيد، ويعمل الخير ليلا ونهارا، غدوة وعشيا، بمنزلة، النخلة، وهذا مثل المؤمن، ثم قال سبحانه: ويضرب الله الأمثال للناس ، يعني ويصف الله الأشياء للناس، لعلهم يتذكرون ، أي يتفكرون في أمثال الله تعالى، فيوحدونه.

ثم ضرب مثلا آخر للكافرين، فقال سبحانه: ومثل كلمة خبيثة ، يعني دعوة الشرك، كشجرة خبيثة في المرارة، يعني الحنظل، اجتثت ، يعني انتزعت، من فوق الأرض ما لها من قرار ، يقول: ما لها من أصل، فهكذا كلمة الكافر ليس لها أصل، كما أن الحنظل أخبث الطعام، فكذلك كلمة الكفر أخبث الدعوة، وكما أن الحنظل ليس فيه ثمر، وليس لها بركة ولا منفعة، فكذلك الكافر لا خير فيه، ولا فرع له في السماء يصعد فيه عمله، ولا أصل في الأرض، بمنزلة الحنظلة، يذهب بها [ ص: 190 ] الريح، وكذلك الكافر، فذلك قوله سبحانه: كرماد اشتدت به الريح ، هاجت يمينا وشمالا، مرة هاهنا ومرة هاهنا.

التالي السابق


الخدمات العلمية