نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا [ ص: 282 ] نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم ، يعني صدقوا بتوحيد ربهم،
وزدناهم هدى ، حين فارقوا قومهم.
وربطنا على قلوبهم بالإيمان،
إذ قاموا ، على أرجلهم قياما،
فقالوا ربنا وهو
رب السماوات والأرض لن ندعو ، يعني لن نعبد
من دونه إلها ، يعني ربا غير الله عز وجل، كفعل قومنا، ولئن فعلنا،
لقد قلنا إذا على الله
شططا ، يعني جورا، نظيرها في ص:
ولا تشطط واهدنا ، وفي سورة الجن:
وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا . ثم قال سبحانه:
هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة ، يعبدونها،
لولا ،
[ ص: 283 ] يعني هلا،
يأتون عليهم بسلطان بين ، يعني على الآلهة بحجة بينة بأنها آلهة،
فمن ، يعني فلا أحد،
أظلم ممن افترى على الله كذبا ، بأن معه آلهة.
ثم قال الفتية بعضهم لبعض:
وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون ، من دون الله من الآلهة، ثم استثنوا، فقالوا:
إلا الله ، فلا تعتزلوا معرفته؛ لأنهم عرفوا أن الله تعالى ربهم، وهو خلقهم وخلق الأشياء كلها، ثم قال بعضهم لبعض:
فأووا إلى الكهف ، يعني انتهوا إلى الكهف، كقوله سبحانه:
إذ أوينا إلى الصخرة ،
ينشر لكم ، يعني يبسط لكم،
ربكم من رحمته رزقا،
ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ، يعني ما يرفق بكم، فهيأ الله لكم الرقود في الغار، فكان هذا من قول الفتية.
يقول الله تبارك وتعالى:
وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ، يعني تميل عن كهفهم فتدعهم،
ذات اليمين وإذا غربت الشمس،
تقرضهم ، يعني تدعهم
ذات الشمال وهم في فجوة منه ، يعني في زاوية من الكهف،
ذلك ، يعني هذا الذي ذكر من أمر الفتية،
من آيات الله ، يعني من علامات الله وصنعه،
من يهد الله لدينه،
فهو المهتد ومن يضلل ، عن دينه الإسلام،
فلن تجد له وليا ، يعني صاحبا،
مرشدا ، يعني يرشده إلى الهدى؛ لأن وليه مثله في الضلالة.
وتحسبهم أيقاظا ، حين يقلبون، وأعينهم مفتحة. حدثنا
عبيد الله ، قال: حدثنا أبي عن
الهذيل ، قال: قال
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل ، عن
الضحاك: كان يقلبهم
جبريل، عليه السلام، كل عام مرتين؛ لئلا تأكل الأرض لحومهم،
وهم رقود ، يعني نيام،
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ، على جنوبهم، وهم رقود لا يشعرون،
وكلبهم ، اسمه: قمطير،
باسط ذراعيه بالوصيد ، يعني الفضاء الذي على باب الكهف، وكان الكلب
لمكسلمينا ، وكان راعي غنم، فبسط الكلب ذراعيه على باب الكهف؛ ليحرسهم، وأنام الله عز وجل الكلب في تلك السنين، كما أنام الفتية، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم:
لو اطلعت عليهم ، حين نقلبهم،
لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا .
[ ص: 284 ] وكذلك ، يعني وهكذا،
بعثناهم من نومهم فقاموا،
ليتساءلوا بينهم ، فـ
قال قائل منهم ، وهو مكسلمينا ، وهو أكبرهم سنا،
كم لبثتم رقودا،
قالوا لبثنا يوما ، وكانوا دخلوا الغار غدوة، وبعثوا من آخر النهار، فمن ثم قالوا:
أو بعض يوم قالوا ، يعني الأكبر، وهو
مكسلمينا وحده،
ربكم أعلم بما لبثتم في رقودكم منكم، فردوا العلم إلى الله عز وجل، ثم قال
مكسلمينا : فابعثوا أحدكم بورقكم ، يعني الدراهم،
هذه التي معكم.
إلى المدينة ، فبعثوا
يمليخا ،
فلينظر أيها أزكى طعاما ، يعني أطيب طعاما،
فليأتكم برزق منه وليتلطف ، يعني وليترفق حتى لا يفطن له،
ولا يشعرن بكم أحدا ، يعني ولا يعلمن بمكانكم أحدا من الناس.
إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم ، يعني يقتلوكم،
أو يعيدوكم في ملتهم ، يعني في دينهم الكفر،
ولن تفلحوا إذا أبدا ، كان هذا من قول
مكسلمينا ، يقوله للفتية، فلما ذهب
يمليخا إلى القرية، أنكروا دراهم
دقينوس الجبار الذي فر منه الفتية، فلما رأوا ذلك، قالوا: هذا رجل كنزا، فلما خاف أن يعذب، لأخبرهم بأمر الفتية، فانطلقوا معه إلى الكهف، فلما انتهى
يمليخا إلى الكهف ودخل، سد الله عز وجل باب الكهف عليهم، فلم يخلص إليهم أحد.
وكذلك أعثرنا ، يقول: وهكذا أطلعنا
عليهم ليعلموا ، يعني ليعلم كفارهم ومكذبوهم بالبعث إذا نظروا إليهم،
إن وعد الله حق في البعث أنه كائن، (و) ليعلموا
وأن الساعة آتية، يعني قائمة،
لا ريب فيها ، يعني لا شك فيها، في القيامة بأنها كائنة،
إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم ، يعني إذا يخلفون في القول في أمرهم، فكان التنازع بينهم أن قالوا: كيف نصنع بالفتية ؟ قال بعضهم: نبني عليهم بنيانا، وقال بعضهم، وهم المؤمنون:
قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ، فبنوا مسجدا على باب الكهف.
سيقولون ، يعني نصارى نجران: الفتية
ثلاثة نفر،
رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم ، يقول الله عز وجل:
رجما بالغيب ، يعني قذفا
[ ص: 285 ] بالظن لا يستيقنونه،
ويقولون هم
سبعة وثامنهم كلبهم ، وإنما صاروا بالواو واو؛ لأنه انقطع الكلام، وقال
أبو العباس ثعلب : ألفوا هذه الواو الحال، كان المعنى: وهذه حالهم عند ذكر الكلب، هذا قول نصارى نجران: السيد والعاقب ومن معهما من الماريعقوبيين ، وهم حزب النصارى،
قل للنصارى:
ربي أعلم بعدتهم من غيره،
ما يعلمهم ، يعني عدتهم، ثم استثنى:
إلا قليل ، قل: ما يعلم عدة الفتية إلا قليل من
النسطورية، وهم حزب من النصارى، وأما الذين غلبوا على أمرهم، فهم المؤمنون الذين كانوا يقولون: ابنوا عليهم بنيانا بنداسيس الصالح ومن معه،
فلا تمار فيهم ، يعني لا تمار يا
محمد النصارى في أمر الفتية،
إلا مراء ظاهرا يعني حقا بما في القرآن، يقول سبحانه: حسبك بما قصصنا عليك من أمرهم،
ولا تستفت فيهم منهم أحدا ، يقول: ولا تسأل عن أمر الفتية أحدا من النصارى.
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا .
إلا أن يشاء الله ، وذلك حين سأل
أبو جهل وأصحابه عن أصحاب الكهف، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " ارجعوا إلي غدا حتى أخبركم "، ولم يستثن، فأنزل الله عز وجل:
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت ، يقول: إذا ذكرت الاستثناء فاستثن، يقول الله: قل: إن شاء الله قبل أن ينزل الوحي إليك في
أصحاب الكهف، وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: " ارجعوا إلي غدا حتى أخبركم عما سألتم "، فقال عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: وقل لهم عسى أن يرشدني ربي لأسرع من هذا الميعاد رشدا.