صفحة جزء
لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون

فأنزل الله عز وجل لو يعلم الذين كفروا من أهل مكة حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ، وذلك أن أيديهم تغل إلى أعناقهم، وتجعل في أعناقهم صخرة من الكبريت، فتشتعل النار فيها، فلا يستطيعون أن يتقوا النار إلا بوجوههم. فذلك قوله سبحانه: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وذلك قوله: حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم لو علموا ذلك ما استعجلوا بالعذاب، ثم قال سبحانه: ولا هم ينصرون يقول: ولا هم يمنعون من العذاب.

ثم قال تعالى: بل تأتيهم الساعة بغتة يعني فجأة فتبهتهم يقول: فتفجؤهم فلا يستطيعون ردها يعني أن يردوها ولا هم ينظرون يقول: ولا يناظر بهم العذاب حتى يعذبوا ولقد استهزئ برسل من قبلك كما استهزئ بك يا محمد ، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على تكذيبهم إياه بالعذاب، وذلك أن مكذبي الأمم الخالية كذبوا رسلهم بأن العذاب ليس بنازل بهم في الدنيا، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كفار مكة استهزءوا منه تكذيبا بالعذاب.

يقول الله عز وجل: فحاق بالذين يعني فدار بهم سخروا منهم ما يعني الذي كانوا به يستهزئون بأنه غير نازل بهم.

قل من يكلؤكم يقول: من يحرسكم بالليل والنهار من عذاب الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون يعني القرآن، معرضون عنه.

ثم قال سبحانه: أم لهم آلهة نزلت في الحارث بن قيس السهمي ، وفيه نزلت أيضا في الفرقان: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه فقال سبحانه: أم لهم آلهة تمنعهم من العذاب من دوننا يعني من دون الله عز وجل فيها تقديم، ثم أخبر عن الآلهة، فقال تعالى: لا يستطيعون نصر أنفسهم يقول: لا تستطيع الآلهة أن تمنع نفسها من سوء أريد بها، ثم قال سبحانه: ولا هم يعني من [ ص: 360 ] يعبد الآلهة منا يصحبون يعني ولا هم منا يجارون، يقول الله تعالى: لا يجيرهم مني ولا يؤمنهم مني أحد.

بل متعنا هؤلاء يعني كفار مكة وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون يعني أفهلا يرون أنا نأتي الأرض يعني أرض مكة ننقصها من أطرافها يعني نغلبهم على ما حول أرض مكة أفهم الغالبون يعني: كفار مكة ، أو النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ؟ بل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، رضي الله عنهم، هم الغالبون لهم، وربه محمود.

التالي السابق


الخدمات العلمية