صفحة جزء
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين

[ ص: 395 ] ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله يعني وحدوا الله ما لكم من إله غيره ليس لكم رب غيره أفلا تتقون يقول: أفلا تعبدون الله، عز وجل، فقال الملأ يعني الأشراف الذين كفروا من قومه ما هذا يعنون نوحا إلا بشر مثلكم ليس له عليكم فضل في شيء فتتبعونه يريد نوح أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل يعني لأرسل ملائكة إلينا فكانوا رسله ما سمعنا بهذا التوحيد في آبائنا الأولين . إن هو يعنون نوحا إلا رجل به جنة ، يعني جنونا فتربصوا به حتى حين يعنون الموت قال نوح : رب انصرني بما كذبون . يقول: انصرني بتحقيق قولي في العذاب بأنه نازل بهم في الدنيا.

فأوحينا إليه أن اصنع الفلك يقول: اجعل السفينة بأعيننا ووحينا كما نأمرك فإذا جاء أمرنا يقول عز وجل: فإذا جاء قولنا في نزول العذاب بهم في الدنيا، يعني الغرق وفار الماء من التنور وكان التنور في أقصى مكان من دار نوح ، وهو التنور الذي يخبز فيه، وكان في الشام بعين وردة، فاسلك فيها من كل زوجين اثنين ذكر وأنثى وأهلك فاحملهم معك في السفينة، ثم استثنى من الأهل إلا من سبق عليه القول منهم يعني من سبقت عليهم كلمة العذاب فكان ابنه وامرأته ممن سبق عليه القول من أهله، ثم قال تعالى: ولا تخاطبني يقول: ولا تراجعني في الذين ظلموا يعني أشركوا إنهم مغرقون يعني بقوله: ولا تخاطبني. قول نوح عليه السلام لربه عز وجل: إن ابني من أهلي يقول الله: ولا تراجعني في ابنك كنعان ، فإنه من الذين ظلموا، ثم قال سبحانه: فإذا استويت أنت ومن معك من المؤمنين على الفلك يعني السفينة فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين يعني المشركين وقل رب أنزلني من السفينة منزلا مباركا وأنت خير المنزلين من غيرك، يعني بالبركة أنهم توالدوا وكثروا.

إن في ذلك لآيات يقول: إن في هلاك قوم نوح بالغرق لعبرة لمن بعدهم، ثم قال: وإن يعني وقد كنا لمبتلين بالغرق.

[ ص: 396 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية