وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا وقال الذين لا يرجون لقاءنا يعني لا يخشون البعث، نزلت في
عبد الله بن أمية ،
والوليد بن المغيرة ،
ومكرز بن حفص بن الأحنف ،
وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ،
ويغيض بن عامر بن هشام ،
لولا يعني هلا
أنزل علينا الملائكة فكانوا رسلا إلينا،
أو نرى ربنا فيخبرنا أنك رسول، يقول الله تعالى:
لقد استكبروا يقول: تكبروا
في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يقول: علوا في القوم علوا شديدا حين قالوا: أو نرى ربنا، فهكذا العلو في القول.
يقول الله تبارك وتعالى:
يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين وذلك أن كفار
مكة إذا خرجوا من قبورهم، قالت لهم الحفظة من الملائكة عليهم السلام: حرام محرم عليكم أيها المجرمون، أن يكون لكم من البشرى شيء، حين رأيتمونا، كما بشر المؤمنون في حم السجدة، فذلك قوله:
ويقولون يعني الحفظة من الملائكة للكفار:
حجرا محجورا يعني حراما محرما عليكم أيها المجرمون البشارة كما بشر المؤمنون.
وقدمنا يعني وجئنا، ويقال: وعمدنا
إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا يعني كالغبار الذي يسطع من حوافر الدواب
أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا يعني أفضل منزلا في الجنة،
وأحسن مقيلا يعني القائلة، وذلك أنه يخفف عنهم الحساب، ثم يقيلون من يومهم ذلك في الجنة مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، فيما يشتهون من التحف والكرامة، فذلك قوله تعالى:
وأحسن مقيلا من مقيل الكفار، وذلك أنه إذا فرغ من عرض الكفار، أخرج لهم عنق من النار يحيط بهم، فذلك قوله في الكهف:
أحاط بهم سرادقها ،
[ ص: 435 ] ثم خرج من النار دخان ظل أسود، فيتفرق عليهم، من فوقهم ثلاث فرق، وهم في السرادق فينطلقون يستظلون تحتها مما أصابهم من حر السرادق، فيأخذهم الغثيان والشدة من حره، وهو أخف العذاب، فيقيلون فيها لا مقيل راحة، فذلك مقيل أهل النار، ثم يدخلون النار أفواجا أفواجا.
ويوم تشقق السماء بالغمام يعني السماوات السبع، يقول: عن الغمام وهو أبيض كهيئة الضبابة، لنزول الرب عز وجل، وملائكته، فذلك قوله سبحانه
ونزل الملائكة من السماء إلى الأرض عند انشقاقها
تنزيلا لحساب الثقلين كقوله عز وجل في البقرة
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام .
الملك يومئذ الحق للرحمن وحده جل جلاله، واليوم الكفار ينازعونه في أمره،
وكان يوما على الكافرين عسيرا يقول: عسر عليهم يومئذ مواطن يوم لشدته القيامة ومشقته، ويهون على المؤمن كأدنى صلاته.