والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين
ثم قال عز وجل أيضا يعنيهم:
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون فيجزيهم بإحسانهم، ولا يجزيهم بمساوئهم، يعني
بني هاشم، وبني المطلب .
[ ص: 512 ] ثم قال الله عز وجل:
ووصينا الإنسان بوالديه حسنا نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص الزهري ، رضي الله عنه، وأمه
حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم بأن معي شريكا
فلا تطعهما في الشرك
إلي مرجعكم في الآخرة
فأنبئكم بما كنتم تعملون يعني
سعدا ، رضي الله عنه، وذلك أنه حين أسلم حلفت أمه لا تأكل طعاما، ولا تشرب شرابا، ولا تدخل، حتى يرجع
سعد عن الإسلام، فجعل
سعد يترضاها، فأبت عليه، وكان بها بارا فأتى
سعد ، رضي الله عنه، النبي صلى الله عليه وسلم، فشكى إليه فنزلت في
سعد رضي الله عنه، هذه الآية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يترضاها ويجهد بها على أن تأكل وتشرب، فأبت حتى يئس منها، وكان أحب ولدها إليها.
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله نزلت في
عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم القرشي ، وذلك أن
عياشا أسلم، فخاف أهل بيته، فهرب إلى
المدينة بدينه قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إليها، فحلفت أمه
أسماء بنت مخرمة بن أبي جندل بن نهشل التميمي ألا تأكل ولا تشرب، ولا تغسل رأسها، ولا تدخل كنا حتى يرجع إليها، فصبرت ثلاثة أيام، ثم أكلت وشربت، فركب
أبو جهل عدو الله
والحارث ابنا هشام ، وهما أخواه لأمه، وهما بنو عم حتى أتيا
المدينة ، فلقياه، فقال
أبو جهل لأخيه
عياش: قد علمت أنك كنت أحب إلى أمك من جميع ولدها، وآثر عندها.
لأنه كان أصغرهم سنا، وكان بها بارا، وقد حلفت أمك ألا تأكل، ولا تشرب، ولا تغسل رأسها، ولا تدخل بيتا، حتى ترجع إليها، وأنت تزعم أن في دينك
بر الوالدين، فارجع إليها، فإن ربك الذي
بالمدينة هو
بمكة فاعبده بها، فأخذ
عياش عليهم المواثيق ألا يحركاه، فاتبعهما، فأوثقاه، ثم جلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى يبرأ من دين
محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل في
عياش: ومن الناس من يقول آمنا بالله يعني صدقنا بتوحيد الله،
فإذا أوذي في الله يعني ضربهما إياه
جعل فتنة الناس يقول: جعل عذاب الناس في الدنيا كعذاب الله في الآخرة، كقوله عز وجل:
يوم هم على النار يفتنون ، يعني يعذبون.
[ ص: 513 ] ثم استأنف
ولئن جاء نصر من ربك على عدوك
بمكة وغيرها، إذا كان للمؤمنين دولة
ليقولن المنافقون للمؤمنين
إنا كنا معكم على عدوكم، وإذا رأوا دولة للكافرين شكوا في إيمانهم،
أوليس الله يعني عز وجل، أو ما الله
بأعلم بما في صدور العالمين من الإيمان والنفاق.
وليعلمن الله يعني وليرين الله
الذين آمنوا يعني صدقوا عند البلاء والتمحيص،
وليعلمن يعني وليرين
المنافقين في إيمانهم، فيشكوا عند البلاء والتمحيص.