ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد ومن يسلم وجهه إلى الله يقول : من يخلص دينه لله ، كقوله تعالى :
ولكل وجهة ، يعني لكل أهل دين ، ثم قال :
وهو محسن في عمله
فقد استمسك يقول : فقد أخذ
بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، لا انقطاع لها
وإلى الله عاقبة الأمور يعني مصير أمور العباد إلى الله عز وجل في الآخرة ، فيجزيهم بأعمالهم.
ومن كفر فلا يحزنك كفره وذلك
أن كفار مكة ، قالوا : في حم عسق : افترى على الله كذبا ، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم حين يزعم أن القرآن جاء [ ص: 23 ] من الله عز وجل ، فشق على النبي صلى الله عليه وسلم قولهم وأحزنه ، فأنزل الله عز وجل : ومن كفر بالقرآن فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا من المعاصي إن الله عليم بذات الصدور يقول : إن الله عز وجل عالم بما في قلب محمد صلى الله عليه وسلم من الحزن بما قالوا له ، ثم أخبر عز وجل عنهم ، فقال : نمتعهم قليلا في الدنيا إلى آجالهم ثم نضطرهم نصيرهم إلى عذاب غليظ يعني شديد لا يفتر عنهم. ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل يعني ولكن
أكثرهم لا يعلمون بتوحيد الله عز وجل ، ثم عظم نفسه عز وجل ، فقال :
لله ما في السماوات والأرض من الخلق ، عبيده ، وفي ملكه ،
إن الله هو الغني عن عبادة خلقه
الحميد عند خلقه في سلطانه.