القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب
فمن ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=75شداد بن أوس: يا نعايا العرب ، هكذا رواية المحدثين من رواة الأخبار ، إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة الرياء والشهوة الخفية.
وأما أهل المعرفة بكلام العرب ورواة الشعر منهم ، فإنهم ينكرون ذلك ويقولون: إن الصواب فيه ، يا نعائي العرب ، بمعنى الأمر بنعيهم ، وكأنه أراد بذلك: انعوهم فقد هلكوا.
واستشهدوا لتصحيح ما قالوا ، من ذلك قول الشاعر:
نعاء ابن ليلى للفعال وللندى وركبان ليل مقفعل الأنامل
[ ص: 810 ] ويقول الآخر:
نعاء جذاما غير موت ولا قتل ولكن فراقا للدعائم والأصل
والقول في ذلك ما قالوا ، وذلك أن
العرب إذا أغرت بمصدر قضيت ودعوت وما أشبههما من ذوات الياء والواو ، قالوا: دعا دعاء ، وقضى قضاء ، ونعا نعاء ، كما يقولون ، إذا أغروا بالسالم من الفعل: دراك دراك ، ونظار نظار ، بمعنى أدرك أدرك ، انظر انظر ، فيفتحون أوله ويكسرون آخره كما قال الراجز:
دراكها من إبل دراكها
قد برك الموت على أوراكها
يريد بقوله: دراكها ، أدركوها ، وقد روي ذلك:
تراكها من إبل تراكها
قد برك الموت على أوراكها
[ ص: 811 ] ومنه قول
زهير بن أبي سلمى: ولأنت أشجع من أسامة إذ دعيت نزال ولج في الذعر
وكان
الفراء يزعم أن فعال إنما خص بالأمر ، لأنه أريد فعال مصدر فاعلت ، فكان أوله مكسورا فغيروه عن وجهة المصدر بفتح أوله وكسر آخره ، كما صرفت ثلاث ورباع ، عن ثلاثة وأربعة ، وعربتا بالرفع لأنهما في مذهب اسم ، وعرب فعال الذي يراد به الأمر بالخفض ، لأنهم أرادوا أثرا من الجزم.
وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يروي ذلك: يا نعيان العرب ، على المصدر من نعاه ينعاه نعيا ونعيانا ، كالبهتان والخلصان.
وأما
الرياء فإنه مصدر من قول القائل: رايا فلان فلانا بعمله مراياة ورياء.