القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب
فمن ذلك قول
معاوية لخاله
أبي هاشم بن عتبة: يا خال، أوجع يشئزك، أم حرص على الدنيا؟ يعني بقوله: يشئزك: يقلقك ويزعجك ويحركك، يقال منه: أشأز فلانا هذا الأمر: إذا أقلقه وأزعجه وحرك منه، يشئزه إشآزا، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة ، في صفة ثور أوى ليلا إلى مكان ثري ندي فأزعجه نداه وأسهره وأقلقه:
فبات يشئزه ثأد ويسهره تذؤب الريح والوسواس والهضب
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة: nindex.php?page=hadith&LINKID=706150دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساهم الوجه، فإنها تعني بقولها: ساهم الوجه، متغير الوجه بالضمور، وأصل السهامة: الضمور، ومنه قول
الأخطل: .
[ ص: 308 ] بالخيل ساهمة الوجوه كأنما خالطن من عمل الوجيف سلالا
ومنه أيضا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة ، في صفة راكب ناقة ضامرة:
كأنه بين شرخي رحل ساهمة حرف، إذا ما استرق الليل مأموم
يعني بقوله: ساهمة: ضامرة، يقال منه: قد سهم وجه فلان، فهو يسهم سهامة وسهوما، وهو مسهوم، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
ترمي به القفر بعد القفر ناجية هوجاء، راكبها وسنان مسهوم
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944444 "إن أمامكم عقبة كئودا" ، فإن العقبة: هي الجبل، وإن الكئود: الشاقة على من صعدها وسار فيها، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: ما تكاءدني شيء ما تكاءدتني خطبة الحاجة، يعني بقوله: ما تكاءدني: ما شق علي .
[ ص: 309 ] وأما
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري الذي رأى به جهدا، فقال له: "ما لك؟" فقال: الخمص، فإن الخمص: أصله اضطمار البطن، وقد يكون ذلك من الجوع وغيره. فأما في هذا الموضع فإن معناه الجوع، يقال للرجل إذا وصف باضطمار البطن: رجل خمصان، وللمرأة خمصانة، بضم الخاء فيهما، وقد حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني أنه كان يحكي عن العرب سماعا منها، الفتح في خاءيهما، ومن الخمصانة قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة في صفة المرأة:
عجزاء ممكورة خمصانة، قلق عنها الوشاح، وتم الجسم والقصب
يعني بقوله: "خمصانة" ضامرة البطن.
وأما قول الأنصاري: فاستقى كل دلو بتمرة ليس فيها خدرة: فإنه يعني بالخدرة، الفاسدة المتغيرة الطعم.
وأما قوله: "تارزة" فإنه يعني بالتارزة: الحشفة
وأما قول
كعب: إن الله إذا أحب عبدا زوى عنه الدنيا: فإنه يعني بقوله زوى عنه الدنيا: قبضها عنه ومنعها إياه، ومنه الخبر الآخر
nindex.php?page=hadith&LINKID=675633عن النبي [ ص: 310 ] صلى الله عليه وسلم أنه قال: " زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، يعني بقوله: "زويت لي الأرض" ، جمعت بضم بعضها إلى بعض، ومنه قول
أعشى بني قيس بن ثعلبة: يزيد يغض الطرف دوني كأنما زوى بين عينيه علي المحاجم
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ولا تلقني إلا وأنفك راغم
يعني بقوله: "زوى بين عينيه علي المحاجم" : قبض وجمع، يقال منه: "زوى فلان عن فلان معروفه، فهو يزويه عنه زيا وزويا وزييا"
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=934028 "إلا من أعطى في رسلها ونجدتها" ، فإنه يعني بقوله: "أعطى في رسلها" أعطى من ألبانها في الحين الذي يكون لها لبن
وأما قوله: "ونجدتها" ، فإن أصل "النجدة" : الشجاعة والشدة، يقال منه: رجل نجد، بين النجدة، من معشر أنجاد، إذا كان شجاعا، ومنه قول
لبيد بن ربيعة العامري: [ ص: 311 ] ولن يعدموا في الحرب ليثا محربا وذا نجدة عند الرزية باذلا
يعني بقوله: ذا نجدة: ذا بأس وشجاعة وإنما أراد صلى الله عليه وسلم بقوله: "ونجدتها" ، في حال سمنها، ووقت شدة نحرها على مالكها
وأما النجد، بفتح النون والجيم، فإنه معنى غير هذا، وهو العرق، يقال منه: نجد الرجل ينجد نجدا، إذا عرق، ومنه قول
نابغة بني ذبيان: يظل من خوفه الملاح معتصما بالخيزرانة بعد الأين والنجد
وأما الإنجاد فإنه معنى غير هذين، وهو متوجه لمعنيين: أحدهما: إنجاد القوم بعضهم بعضا، وذلك إعانة بعضهم بعضا على الأمر ينزل بهم، يقال منه: أنجدت القوم على عدوهم، فأنا أنجدهم إنجادا
والثاني: ارتفاع المرء من غور إلى نجد، يقال منه: قد أنجد القوم، إذا أتوا نجدا، فهم ينجدون إنجادا.
وأما التنجيد، فهو مصدر من قول القائل: نجد فلان بيته، إذا زينه بالفرش وغيره، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
حتى كأن رياض القف ألبسها من وشي عبقر تجليل وتنجيد
.
[ ص: 312 ] وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=934028 "وأفقر ظهرها" ، فإن إفقار الظهر عاريته للركوب والحمل عليه، يقال منه: أفقر فلان فلانا ظهر بعيره، فهو يفقره إياه إفقارا، والإفقار في الظهر شبيه الإسكان في الدار
وأما قوله: "ومنح غزيرتها" ، فإنه يعني بقوله: "ومنح غزيرتها" : أعطى ذوات اللبن منها لتشرب ألبانها، يقال من ذلك: منح فلان فلانا ناقته، إذا أعطاه إياها لشرب لبنها، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=67213 "والمنحة مردودة، والعارية مؤداة" ، ومنه قول
الأعشى: ولقد أمنح من عاديته كلما تقطع من داء الكشح
يقال منه: منحه ناقته، فهو يمنحها إياه منحا، والمنيحة هي الناقة الممنوحة، صرفت من فعولة، إلى "فعيلة" وأما "الغزيرة" فإنها الكثيرة اللبن من الماشية، تجمع "غزارا" ، كما قال
امرؤ القيس بن حجر: .
[ ص: 313 ] لنا غنم نسوقها غزار كأن قرون جلتها عصي
يعني بالغزار: الكثيرة الألبان.