تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
1031 - حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن الزبير ، قال: حدثنا حكام بن سلم ، عن أبي سنان ، عن عمرو بن مرة ، عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان قول وعمل، ولا يستقيم هذا إلا بهذا، ولا هذا إلا بهذا"

[ ص: 685 ] فأخبر صلى الله عليه وسلم أن اسم الإيمان المطلق إنما هو للمعرفة بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح دون بعض ذلك

وأما من النظر: مما لا يدفع صحته ذو فطرة صحيحة. وذلك الشهادة لقول قائل قال قولا أو وعد عدة، ثم أنجز وعده، وحقق بالفعل قوله: صدق فلان قوله بفعله. ولا يدفع مع ذلك ذو معرفة بكلام العرب، صحة القول بأن الإيمان التصديق، فإذا كان الإيمان في كلامها التصديق، والتصديق يكون بالقلب واللسان والجوارح، وكان تصديق القلب العزم والإذعان، وتصديق اللسان الإقرار، وتصديق الجوارح السعي والعمل، كان المعنى الذي به يستحق العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه المعاني الثلاثة، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه أنه لا يستحق اسم مؤمن، وأنه لو عرف وعلم وجحد بلسانه، وكذب وأنكر ما عرف من توحيد ربه أنه غير مستحق اسم مؤمن ، [ ص: 686 ] فإذ كان ذلك كذلك، وكان صحيحا أنه غير مستحق غير المقر اسم مؤمن، ولا المقر غير العارف مستحق ذلك، كان كذلك غير مستحق ذلك بالإطلاق، العارف المقر غير العامل، إذ كان ذلك أحد معاني الإيمان التي بوجود جميعها في الإنسان يستحق اسم مؤمن بالإطلاق.

التالي السابق


الخدمات العلمية