تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
( القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب )

فمن ذلك قول خالد البجلي : سألت سعيد بن المسيب عن الصلاة على الجنازة فزبرني - يعني بقوله : فزبرني : فانتهرني ، وأصله : الضرب [ ص: 196 ] على الزبرة والزبرة : أعلى الكاهل من كل إنسان ، ونهيمه : وهو موضع مجتمع الشعر من أعلى كاهل الأسد ، ولذلك قيل للأسد : مزبراني ، كما قال أوس بن حجر : (كالمزبراني عيال بأوصال ) يقال منه : زبر فلان فلانا يزبره زبرا : إذا ضربه على ذلك الموضع ، ثم استعمل ذلك وكثر حتى قيل لكل منتهر غيره وزاجره عن شيء : زبره .

أما قول ابن عون : فظننته اقتضبه ساعتئذ ، فإنه يعني بقوله : اقتضبه : افتعله ابتداء ، واقتطعه من الدعاء .

وأصل القضب القطع .

ومن ذلك قيل للقضيب : قضيب ; لأنه عود قطع من الشجر .

وإنما هو مقضوب بمعنى : مقطوع ، صرف إلى فعيل .

كما قيل للمقتول : قتيل ، وللمجروح : جريح .

يقال منه : قضب فلان كذا ، فهو يقضبه قضبا ، واقتضبه يقتضبه اقتضابا .

ومنه قول ذي الرمة :

كأنه كوكب في إثر عفرية مسوم في سواد الليل منقضب

يعني بالمنقضب : المنقطع من سائر الكواكب وغيره : ومنه قول الآخر :

لم تدر ما نسج اليرندج قبله     وقضاب أعوص دارس متخدد

[ ص: 197 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية