تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
358 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا القاسم بن عمرو العبدي ، عن أبي جعفر ، وأيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " من ذكرت عنده فلم يصل علي - قال أحدهما : فقد خطئ طريق الجنة ، وقال الآخر : فقد نسي طريق الجنة " .

[ ص: 228 ] في نظائر لهذه الأخبار كرهنا استيعابها ، استغناء بما ذكرنا ، من ذلك عما لم يذكر منه .

وإنما قلنا الأمر الذي أمر الله به - جل ثناؤه - من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في كتابه بمعنى الندب ، لإجماع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن ذلك غير لازم فرضا أحدا ، حتى يكون تاركه من ذلك في حال أخرى .

ولو كان ذلك فرضا في حال ، كسائر الفروض أثم بتركه فيها تاركه ، ولزمه قضاؤه في حال أخرى ، كما يلزم تارك الصلاة في وقتها أداؤها في وقت آخر ، وإن خرج وقتها ، وتارك صوم يوم من شهر رمضان قضاؤه في يوم آخر ، وغير ذلك من سائر الفروض التي أوجبها الله على عباده ، وألزمهم العمل بها ، فلما كان إجماعا من جميع الأمة : أن العمل بذلك غير فرض على أحد من الناس في حال إذا أخره عنها لزمه قضاؤه ، [ ص: 229 ] وكان تأخيره إياه عنها مضيعا فرضا لله عليه ، علم أن الأمر من الله - تعالى ذكره - به على ما بينا من وجه الندب لا على وجه الفرض والإلزام .

فإن قال : وكيف يدعى من الأمة إجماعا على ما قلت ، وقد علمت أن بعض المتأخرين كان يزعم أن ذلك فرض واجب في الصلاة ، وأن من تشهد التشهد الآخر من صلاته ، ثم سلم عامدا قبل أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو يعلم أنه لم يصل عليه ، أن صلاته فاسدة عليه استقبالها ، وأنه إن سلم ناسيا الصلاة عليه ، فعليه إن كان قريبا أن يعود ، فيجلس فيصلي على النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ويسجد سجدتي السهو ، وعليه إن كان قد تباعد من موضعه أن يبتدئ صلاته ، ويستقبل قضاءها .

وقد علمت - مع ذلك - ما :

التالي السابق


الخدمات العلمية