387 - وحدثنا
المقدمي ، قال : حدثنا
الحجاج ، قال : حدثنا
حماد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني ، قال : "
كان أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في الصلاة يتشهدون ، ثم يدعون بعد التشهد بدعوات خفاف ، ثم ينصرفون " .
وبعد : فإن لاختلاف بين السلف من أهل العلم في انقضاء صلاة المصلي ، وتمامها إنما كان على أقوال أربعة لا خامس لهن ، حتى حدث الذي وصفت مقالته ، المعترض قول أمة
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بالتخطئة ، الزاعم أن صلاة كل من صلى قبل إحداثه القول الذي قاله : كانت فاسدة ، إلا أن يكون صلاها على ما حكينا عنه من قوله فأحد الأقوال الأربعة - التي ذكرنا أنه لا خامس لهن - قول من قال : إذا رفع المصلي رأسه من السجود من آخر ركعة من صلاته ، فقد تمت صلاته تشهد أو لم يتشهد جلس قدر التشهد أو لم يجلس! سلم أو لم يسلم .
والقول الآخر : قول من قال : لا تتم صلاة المصلي إذا رفع رأسه من آخر سجدة من آخر ركعة منها ، حتى يتشهد أو يقعد قدر التشهد ، وإن لم يتشهد .
فإذا فعل ذلك ، فقد تمت صلاته سلم أو لم يسلم .
والقول الثالث : قول من قال : لا تتم صلاة المصلي حتى يتشهد في آخر ركعة منها ، فإذا تشهد تمت حينئذ صلاته ، سلم أو لم يسلم .
والقول الرابع : قول من قال : لا تتم صلاة المصلي ، حتى يتشهد ، ويسلم ، فإذا سلم تمت صلاته .
[ ص: 242 ] فمن ادعى قولا خامسا ، فزعم أن صلاة لا تتم إلا أن يتشهد في آخر ركعة منها ، بعد ما يرفع رأسه من آخر سجدة منها ، ويصلي على النبي
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ويسلم سئل البرهان على قوله من أصل أو نظير .
ويقال له : هل بينك وبين آخر اجترأ جرأتكم على خلاف الأمة ، فزعم أن صلاة المصلي لا تتم إلا أن يصلي بعد التشهد في آخر ركعة منها على
نوح أو على
إبراهيم، وإسحاق ، ويعقوب ، أو غيرهم من أنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم ، وأنه إن لم يفعل ذلك لم يكن له صلاة ، وأن صلاته إذا صلى عليهم ماضية جائزة ، وإن لم يصل على
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فرق من أصل أو نظير .
فإن زعم أن الفرق بينه وبينه ، أن الله - تعالى ذكره - أمر بالسلام على
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بقوله :
وسلموا تسليما .
وقد أجمعوا أن ذلك تسليم على
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في التشهد دون سائر الأنبياء غيره ، فكذلك الصلاة صلاة عليه دون غيره من الأنبياء والرسل .
قيل : وما البرهان على صحة ما قلت من أن ذلك أمر بالتسليم على
محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - دون أن يكون أمرا بالتسليم على سائر الأنبياء ، إذ كان
النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قد علم أمته من التسليم عليهم في التشهد بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650788 " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " مثل الذي علمهم فيه من السلام عليه بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650788 " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " .
فإن قال : إن الأمر - وإن كان كذلك - فقد صحت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه إذ قيل له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=698255 " قد علمنا كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ " قال لهم : " قولوا : اللهم صل على محمد " الكلمات التي قد ذكرناها ، فعلمنا بذلك أنه المعني بقوله :
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه .
قيل له : فما تنكر أن يكون - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أجاب الذين سألوه
[ ص: 243 ] عن صفة الصلاة عليه بما ذكرت ، ولم يذكر لهم صفة الصلاة على سائر الأنبياء غيره ، لعلمه بأنهم قد علموا ذلك أو لأنهم لم يسألوه عنها .
وبعد : فلو سوغناك ذلك ، وقلنا : القول ما قلت في تأويل الآية : ما كانت حجتك على أن ذلك أمر من الله - تعالى ذكره - عباده بالصلاة عليه ، بعد التشهد في آخر ركعة من صلاة المصلي ، دون أن يكون أمرا بالصلاة عليه في كل أحوال العبد ؟ أو أمرا بالصلاة عليه بعد الفراغ من القراءة في الركعة الأولى قبل الركوع ، وغير ذلك من أعمال الصلاة ؟ .
وإن زعم أنه علم أن قوله :
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .
أمر من الله - جل ثناؤه - عباده المؤمنين بالصلاة على
محمد دون سائر الأنبياء غيره ; لأن الله - تعالى ذكره - إنما ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وحده بقوله :
إن الله وملائكته يصلون على النبي .
فعلم بذلك أنه إنما عنى به نبي الذين خاطبهم بقوله :
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه قيل له : ما تنكر أن يكون إنما خرج ذلك بلفظ الواحد ، والمراد به جميع الأنبياء .
كما قيل :
والعصر إن الإنسان لفي خسر .
فأخرج الإنسان بلفظ الواحد ، والمراد به جميع الناس .
فإن قال : ومن أين يعلم أن ذلك كذلك ؟ قيل : نعلم ذلك بقوله :
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات : إذ استثنى الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات منهم ، وهم جميع .
فلم يستثن الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم إلا وقد دخل في قوله :
إن الإنسان لفي خسر : كل إنسان .
فلذلك جاز استثناؤهم منهم .
وكما قال :
يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، فلن يقول في شيء مما عارضناه به قولا ، إلا ألزم في خلافه مثله .
[ ص: 244 ] فإن قال : فاذكر لنا الرواية عمن ذكرت أقواله ممن قلت : إن صاحب القول الذي حكيت قوله ، تلقى قولهم بالنكير ، وخرج تنكيره ما نكر من قولهم ، فيما وصفت من قول الجميع من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من الخالفين ، ليعلم بذلك حقيقة ما وصفت قبل ، نذكر من ذلك ما حضرنا ذكره إن شاء الله :