تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
628 - حدثنا سوار بن عبد الله ، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال: سمعت حميدا يحدث عن أنس بن مالك أن أنس بن النضر تغيب عن قتال بدر، فقال: " تغيبت عن أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لئن رأيت قتالا ليرين الله ما أصنع.

فلما كان يوم أحد، وهزم الناس، لقي سعد بن معاذ ، فقال: والله إني لأجد ريح الجنة! فتقدم، فقاتل حتى قتل ".

فنزلت فيه هذه الآية:
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .


[ ص: 340 ] وقد قيل: إنه عنى بالنحب في هذا الموضع: الموت.

وكأن من قال ذلك وجه معنى قوله: " فمنهم من قضى نحبه " إلى فمنهم من مات على التصديق والإيمان والوفاء لله بما عاهده عليه.

ومن النحب بمعنى الموت: قول الشاعر:

قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر

يعني بقوله: قضى نحبه: فرغ من خروج نفسه.

وللنحب - أيضا - معنى غير ذلك: وهو الخطر العظيم.

ومنه قول جرير بن عطية:

بطخفة جالدنا الملوك، وخيلنا     عشية بسطام، جرين على نحب)

يعني بقوله: على نحب: على خطر عظيم.

وقد كان بعضهم يقول: معناه على نذر.

وأما التنحيب: فإن له معنيين: أحدهما: الخطار، ومنه قول الشاعر:

وإذ نحبت كلب على الناس أيهم     أحق بتاج الماجد المتكرم

والآخر: المد في السير.

يقال منه: نحب فلان في سيره يومه أجمع: إذا مد فلم ينزل يومه وليلته، فهو ينحب فيه تنحيبا.

التالي السابق


الخدمات العلمية