تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
518 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.

فأخبر صلى الله عليه وسلم أن فضل صوم داود نبي الله صلى الله عليه وسلم على غيره إنما كان من أجل أنه كان مع صومه ذلك لا يضعف عن القيام من الأعمال التي هي أفضل من الصوم، وذلك ثبوته لحرب أعداء الله عند التقاء الزحوف، وتركه الفرار منهم هنالك والهرب.

فإذ كان صلى الله عليه وسلم إنما قضى لصوم داود بالفضل على غيره من معاني الصوم النفل؛ لما ذكرنا من السبب، فكل من كان صومه لا يورثه ضعفا عن أداء فرائض الله تعالى، وعما هو أفضل من صومه ذلك من نفل الأعمال في حال من أحوال عمره [ ص: 323 ] وهو صحيح، فغير مكروه له صومه ذلك.

وكل من أضعفه صومه النفل عن أداء شيء من فرائض الله عز وجل؛ فغير جائز له أن يصوم صومه ذلك، بل هو محظور عليه، وهو بصومه ذلك حرج، فإن لم يكن يضعفه صومه ذلك عن أداء شيء من فرائض الله، وكان يضعفه عما هو أفضل منه من نفل الأعمال، فإن صومه ذلك له مكروه؛ غير محبوب، وإن لم يؤثمه؛ للذي وصفنا من تركه ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من ذلك على غيره .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أيضا جماعة من السلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية