قيل: القول في ذلك عندنا أن جميع هذه الأخبار صحاح، ومعانيها متفقة غير مختلفة، وبعض ذلك يؤيد بعضا، وبعضه يصحح بعضا.
فأما الخبر الذي روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=702324صوم يوم عرفة كفارة سنتين، فإنه معني به صومه في غير
عرفة.
وكذلك كل ما روي في ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، فإنه مراد به صومه بغير
عرفة.
وليس في قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=697588 "يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، هن أيام أكل وشرب" دلالة على نهيه عن صوم شيء من ذلك، وإن كان صوم يوم النحر غير جائز عندنا؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه نصا، ولإجماع الأمة نقلا عن نبيها صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز صومه.
وإنما قلنا: لا دلالة له في ذلك من قوله على نهيه عليه السلام عن صوم شيء من ذلك؛ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقه لأمته صوم يوم الجمعة، إذا صاموا يوما قبله أو يوما بعده، وهو لهم عيد، فلم يحرم صومه عليهم من أجل أنه عيد لهم، بل وعدهم -من الله على صومه على ما أطلقه لهم -الجزيل من الثواب، فكذلك يوم
عرفة لا يمنع كونه عيدا من أن يصومه بغير عرفة من أراد صومه، بل له على ذلك الثواب الجزيل والأجر العظيم.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=856857 "هن أيام أكل وشرب" ، إنما عنى به أنهن أيام أكل وشرب لمن أراد ذلك، فأما من لم يرد الأكل والشرب فيهن، فغير حرج بترك الأكل والشرب فيهن، إذا لم يكن تركه ذلك على وجه صوم الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن، على ما قد بينا قبل
[ ص: 352 ]
.
وأما الأخبار التي رويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس التي ذكرناها قبل، من أن
nindex.php?page=showalam&ids=11696أم الفضل أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلاب لبن يوم
عرفة فشربه، فإن ذلك كان ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بعرفة، ولا شك أن الاختيار -في ذلك اليوم، في ذلك الموضع -للحاج الإفطار دون الصوم،؛ كي لا يضعف عن الدعاء، وقضاء ما فرضه الله تعالى من مناسك الحج.