قال
أبو جعفر: قد بينت هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إفطاره -لا شك -أفضل لمن خاف أن يضعف بالصوم عما هو أفضل من الصوم من الأعمال، وذلك الاجتهاد في الدعاء، وذكر الله عز وجل، والتضرع إليه، فإن ذلك أفضل من الصوم النفل هنالك.
[ ص: 361 ] فإن قال لنا قائل: فإن الذي ذكرت من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه -من
إفطارهم بعرفة يوم عرفة، وكراهتهم الصوم هنالك، وإن كان كما ذكرت -فليس بموجب أن يكون صلى الله عليه وسلم والذين كرهوا الصوم هنالك من أصحابه، لم يكونوا من كراهتهم ذلك في غير ذلك الموضع، على مثل الذي كانوا عليه من كراهتهم في ذلك الموضع.
فما برهانك على أن كراهة من كره الصوم ذلك اليوم، مخصوص به ذلك الموضع، دون سائر بقاع الأرض، ودون سائر الناس من الحاج وغير الحاج؟ وقد صح عندك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه جعله في أيام العيد التي آثر الأكل فيها والشرب على الصوم، وثبت عندك عن جماعة من السلف كراهتهم صوم ذلك اليوم لكل أحد، في كل موضع وكل بقعة من بقاع الأرض، وإنكار بعضهم الخبر الذي روي عن
أبي قتادة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل صومه.