فإن ظن ظان أن قول الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم:
وما أنت بمسمع من في القبور ، وقوله له:
إنك لا تسمع الموتى ، لما كان عاما ظاهره في كل من في القبور، وفي جميع الموتى، من غير خصوص بعض منهم، وجب أن يكون
قول القائل: لا يجوز أن يسمعوا في حال ما هم في البرزخ شيئا من كلام الأحياء أولى بالصحة من قول القائلين بإجازة ذلك في بعض الأحوال، فقد ظن غير الصواب.
[ ص: 521 ] وذلك أن الله جل ثناؤه جعل بيان ما نزل إلينا من كتابه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد بين لنا عليه السلام بقوله صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر
حال المؤمن والكافر في قبورهما حين يسألان عن دينهما: أنهما يسمعان خفق نعال متبعي جنائزهما إذا ولوا عنهما مدبرين، فكان معلوما بذلك أن قوله تعالى:
وما أنت بمسمع من في القبور ، وقوله:
إنك لا تسمع الموتى ، معني به إسماع بعض الأشياء دون جميعها، ودليلا على أن قول من قال: قد يسمعون بعض الأشياء في بعض الأحوال أولى بالصحة من قول من خالف ذلك.