تهذيب الآثار للطبري

الطبري - محمد بن جرير الطبري

صفحة جزء
وفي فساد القول بجواز امتلاء القلب من بعض العلوم التي هي من غير علوم الدين، حتى لا يكون في القلب غيره، ولا شيء يخالطه من كتاب الله وغيره من علوم الدين أبين الدليل على صحة ما قلنا في أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير له من أن يمتلئ شعرا" ، بخلاف القول الذي ذكرنا أنه تأوله بمعنى الامتلاء من الشعر حتى لا يكون فيه شيء غيره.

وأخرى: أن الشعر كلام كسائر الكلام غيره، حسنه حسن، وقبيحه قبيح، كما حسن غيره من الكلام حسن، وقبيح غيره من الكلام قبيح، غير أن له بأنه مؤتلف النظام، متسق الأوزان الفضل على غيره من منثور الكلام، ولا يخرجه ذلك عن معنى غيره من الكلام، في أن يكون سبيله سبيله، في أن ما حسن قيله [ ص: 655 ] وروايته من غيره حسن منه، وما قبح قيله وروايته من غيره قبح.

فأما الامتلاء من معنى منه حتى لا يخالط القلب غيره من علم القرآن وأمور الدين، فإن ذلك محرم، من أي المعاني كان ذلك، فلا وجه لأن يخص بذلك الشعر دون غيره.

وفي كون ذلك كذلك البيان الواضح أن القول في معنى ذلك ما قلناه دون ما خالفه.

التالي السابق


الخدمات العلمية