لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
تنبيهات :

الأول : أول من تكلم في القدر معبد الجهني ، وكان أولا يجلس إلى الحسن البصري ، ثم سلك أهل البصرة بعده مسلكه ، لما رأوا عمرو بن عبيد ينتحله ، وقيل : بل أول من تكلم فيه معبد بن عبد الله بن عويمر . قاله السمعاني ، وبعض علماء الأشاعرة وغيرهم . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - روح الله روحه - في كتابه " شرح الإيمان " : أول من ابتدعه بالعراق رجل من أهل البصرة يقال له سيسويه من أبناء المجوس وتلقاه عنه معبد الجهني .

وقال العلامة الطوفي في شرح تائية شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - : كان أول من تكلم في القدر بالبصرة سوسن رجل من أبناء المجوس ، ثم معبد الجهني ، وأخذ غيلان عن معبد . ويقال : أول ما حدث - في الحجاز لما احترقت الكعبة ، فقال رجل : احترقت بقدر الله - تعالى ، فقال آخر : لم يقدر الله هذا .

ولم يكن على عهد الخلفاء الراشدين أحد ينكر القدر ، فلما ابتدع هؤلاء التكذيب بالقدر رد عليهم من بقي من الصحابة كعبد الله بن عمر وعبد الله [ ص: 300 ] بن عباس ووائلة بن الأسقع - رضي الله عنهم ، وكان أكثره بالبصرة والشام ، وقليل منه بالحجاز . فأكثر كلام السلف في ذم هؤلاء القدرية ; ولهذا قال وكيع بن الجراح : القدرية يقولون : الأمر مستقبل ، وأن الله لم يقدر الكتابة والأعمال ، والمرجئة يقولون : القول يجزي عن العمل . والجهمية يقولون : المعرفة تجزي عن القول والعمل ، قال وكيع : هو كله الكفر .

قال شيخ الإسلام : ولكن لما اشتهر الكلام في القدر ، ودخل فيه كثير من أهل النظر ، والعبادة ، صار جمهور القدرية يقرون بتقدم العلم ، وإنما ينكرون عموم المشيئة ، والخلق . وعن عمرو بن عبيد في إنكار الكتاب المتقدم والسعادة - روايتان .

التالي السابق


الخدمات العلمية