( ( نتابع الأخيار من أهل الأثر  ونقتفي الآثار لا أهل الأشر ) )         ( (  ولا نقل إيماننا مخلوق  
ولا قديم هكذا مطلوق ) )         ( ( فإنه يشمل للصلاة  
ونحوها من سائر الطاعات ) )         ( ( ففعلنا نحو الرجوع محدث  
وكل قرآن قديم فابحثوا ) )  
 [ ص: 440 ]    ( ( نتابع ) ) في اعتقادنا الجازم وسيرنا الحازم ( ( الأخيار من ) ) الصحابة ، والتابعين لهم بإحسان وأئمة ( ( أهل الأثر ) ) على نهج سيد ولد عدنان على مقتضى محكم القرآن ( ( ونقتفي ) ) أي نتبع يقال قفوته قفوا اتبعته كتقفيته كما في القاموس . وفي النهاية يقال قفوته وقفيته ، واقتفيته إذا تبعته واقتديت به      
[ ص: 441 ]    ( ( الآثار ) ) المأثورة عن الكتاب المنزل ، والنبي المرسل ، والصحابة ، والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين من أهل التحقيق والعرفان بالنقل الصحيح والمعنى الصريح ، فهم أهل الدراية والرواية وأحق الناس بالإصابة والهداية ،      
[ ص: 442 ] فمهما بذلنا مجهودنا في النظر ، والتحرير لا يكون إلا دون ما سلكوه من التحقيق ، والتنقير ( ( لا ) ) نتابع ونقتدي وننحو في سيرنا ( ( أهل الأشر ) ) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة فراء : الفرح ، والمرح من كل متحذلق      
[ ص: 443 ] ومتشدق ومتعمق ومتودق من فروخ  
الجهمية   وشيوخ  
المرجئة   وأتباع  
الكرامية   فهم في طرف ، ونحن في طرف فبيننا وبينهم من البون كما بين الحركة ، والسكون .   
[ ص: 444 ] ولما انتهى الكلام على الإيمان وما يتعلق به وذكر خلاف الناس في حقيقته وما يترتب عليه من الزيادة ، والنقصان ، والاستثناء ختم الكلام عليه بذكر مسألة عظيمة ، فقال : ( ( ولا تقل ) ) أيها الأثري من  
الحنابلة   ومن وافقهم      
[ ص: 445 ]    ( ( إيماننا ) ) الذي هو قول باللسان وعقد بالجنان وعمل بالأركان ( ( مخلوق ) ) لدخول الأعمال فيه التي من جملتها الصلاة المشتملة على فاتحة الكتاب القديم ، ولدخول الأقوال التي من جملتها لا إله إلا الله كلمة الإخلاص ، التي هي من كلام الله - تعالى -  
فاعلم أنه لا إله إلا الله     ( ( ولا ) ) تقل أيها الأثري إيماننا ( ( قديم هكذا مطلوق ) ) عن القيود لدخول أفعالنا من الركوع ، والسجود ، والقيام ، والقعود وأعمال القلوب ونحو ذلك ، ( ( فإنه ) ) أي  
الإيمان     ( ( يشمل للصلاة ) ) المشروعة ، فرضا كانت أو نفلا ( ( و ) ) يشمل ( ( نحوها ) ) أي نحو الصلاة ( ( من سائر ) ) أي بقية ( ( الطاعات ) ) التي يتقرب العبد بها إلى ربه ، وسائر العبادات التي يأتي بها لغفران ذنبه وإنارة قلبه ، والطاعات جمع طاعة مأخوذة من طاع يطوع إذا انقاد وهي في اصطلاح الفقهاء عبادة غير واجبة ، والمراد هنا كل عبادة ، والعبادة ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي وحينئذ يجب التفصيل وهو ما أشير إليه بقوله ( ( ففعلنا ) ) معشر الخلق ( ( محدث ) ) لأنه مسند إليه ومنسوب ومضاف إلى فعله ، والله خالق لأفعال العباد ، وللعبد فعل ينسب إليه ومنسوب تقدم ( ( وكل ) ) ما كان من ( ( قرآن ) ) فهو ( ( قديم ) ) غير مخلوق لأن      
[ ص: 446 ] كلام الله قديم كما مر البحث فيه في محله مستوفيا ، وقوله : ( ( فابحثوا ) ) أتي به لتتمة البيت . والبحث التفتيش ، والطلب ، والتنقيب ، والتقصي عن دقائق المعاني ، فكل  
من أدخل الأعمال في الإيمان فلا يسوغ له إطلاق اسم الحدوث ولا القدم  على الإيمان ، بل لا بد من هذا التفصيل ، وأما من لم يدخل الأعمال فيه  
كالأشاعرة   فيقولون الإيمان عندهم مخلوق وهذا لا يتمشى مع أصولنا .  قال سيدنا  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد     - رضي الله عنه - : من قال : الإيمان مخلوق كفر ، ومن قال : غير مخلوق ابتدع     . فقيل : بالوقف مطلقا ، وقيل : أقواله قديمة وأفعاله مخلوقة .  
قال  
ابن حمدان  في نهاية المبتدئين : وهو أصح ، ونقله عن  
ابن أبي موسى  وغيره . ونقل  
الإمام الحافظ ابن رجب  في طبقات الأصحاب في ترجمة الحافظ  
 nindex.php?page=showalam&ids=16389عبد الغني المقدسي     - قدس الله روحه - ما لفظه قال :  روي عن إمامنا  
أحمد     - رضي الله عنه - أنه قال : من قال : الإيمان مخلوق فهو كافر ، ومن قال : قديم فهو مبتدع     . قال  
الحافظ عبد الغني     : وإنما كفر من قال بخلقه ; لأن الصلاة من الإيمان ، وهي تشتمل على قراءة وتسبيح وذكر الله - عز وجل - ومن قال بخلق ذلك كفر ، وتشتمل على قيام وقعود وحركة وسكون ومن قال بقدم ذلك ابتدع . انتهى بحروفه ، والله - تعالى - الموفق