لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الفائدة الثانية في سيرته )

قال أهل العلم : يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقظ نائما ، ويقاتل على السنة لا يترك سنة إلا أقامها ولا بدعة إلا رفعها ، يقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم أوله ، يملك الدنيا كلها كما ملك ذو القرنين وسليمان بن داود عليهما السلام ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، يقسم المال صحاحا بالسوية ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض والطير في الجو [ ص: 76 ] والوحش في القفر والحيتان في البحر ، يملأ قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى حتى إنه يأمر مناديا ينادي : ألا من له حاجة في المال ؟ فلا يأتيه إلا رجل واحد فيقول أنا فيقول ائت السادن - أي الخازن - فقل له المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع - أي أحرص - أمةمحمد صلى الله عليه وسلم أعجز عني ما وسعهم ؟ قال فيرده فلا يقبل منه فقال له إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه الأمة .

تنعم أمة محمد برها وفاجرها في زمانه نعمة لم يسمعوا بمثلها قط وترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر شيئا من قطرها ، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا من بذرها ، تجري على يديه الملاحم ، يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين ، يؤتى إليه بملوك الهند مغللين وتجعل خزائنهم لبيت المقدس حليا ، يأوي إليه الناس كما يأوي النحل إلى يعسوبه حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول ، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه مخالفيه وأدبارهم جبريل على مقدمته وميكائيل على ساقته ، ترعى الشاة والذئب في زمانه في مكان واحد ، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيئا ، ويزرع الإنسان مدا فيخرج له سبعمائة مد ، ويرفع الربا والزنا وشرب الخمر ، وتطول الأعمار وتؤدى الأمانة وتهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض آل محمد صلى الله عليه وسلم .

محبوب - يعني المهدي - في الخلائق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى إن المرأة تحج في خمس نسوة ما معهن رجل ولا يخفن شيئا إلا الله ، مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية