لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الخامسة ) : قال بعض الصوفية وغيرهم : اسم الله الأعظم هو بسم الله الرحمن الرحيم كلها ، وعند أكثر أهل العلم أنه لفظ الجلالة ، وعدم الإجابة لأكثر الناس مع الدعاء به لتخلف بعض الشروط التي من أهمها الإخلاص وأكل الحلال . وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن بريدة ، عن أبيه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، لم يلد ولم [ ص: 36 ] يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فقال له : " لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب . ورواه الحاكم ، إلا أنه قال فيه : لقد سألت الله باسمه الأعظم " . وقال : صحيح على شرطهما . قال الحافظ المنذري : قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي : وإسناده لا مطعن فيه ، قال : ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه . انتهى . وقال المحقق ابن القيم : ومجموع اسم الله الأعظم هو الحي القيوم ، وذكر ذلك في نونيته بقوله :


ولأجل ذا جاء الحديث بأنه في آية الكرسي وذي عمران     اسم الإله الأعظم اشتملا على
اسم الحي والقيوم مقترنان     فالكل مرجعها إلى الاسمين يد
ري ذاك ذو بصر بهذا الشان

.

أشار إلى ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح من حديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ، ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) ، وفاتحة سورة آل عمران ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) . وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي ، وهو يصلي ، وهو يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، يا حنان يا منان ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " . ورواه أبو داود والنسائي ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وزاد هؤلاء الأربعة : " يا حي يا قيوم " . وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم . وزاد الحاكم في رواية له : " أسألك الجنة ، وأعوذ بك من النار " . وقد روى أبو يعلى ورواته ثقات ، عن السري بن يحيى ، عن رجل من طيء ، وأثنى عليه خيرا ، قال : كنت أسأل الله - عز وجل - أن يريني الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، فرأيت مكتوبا في الكواكب في السماء : يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام . والذي في جلاء الأفهام للمحقق ابن القيم : وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن بعض [ ص: 37 ] الصحابة أنه طلب أن يعرف اسم الله الأعظم ، فرأى في منامه مكتوبا في السماء بالنجوم : يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية